البعض يقولون إن سيدنا يوسف -عليه السلام- تلقى تميزاً من قبل والده، وهذا ليس بعدل من قبل والده، ونحن نعلم أن والده نبي، فكيف يتفق هذا؟.
الجواب
على هذا السؤال جوابان:
أحدهماً: أن العدل في التفصيل والتمييز بين الأبناء مما لا يجب في شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، فإن الله يقول:"لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً"[المائدة: من الآية٤٨] .
الثاني: أن العدل بين الأبناء واجب في العطية ونحوها، فإذا أعطى الوالد واحداً من الأولاد عطية وجب عليه أن يعطي سائرهم مثلما أعطاه، كما يدل على ذلك مقتضيات الحديث النبوي الذي رواه البخاري (٢٥٨٦) ، ومسلم (١٦٢٣) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، وأما ما يتعلق بالمحبة والعناية لمعنى من المعاني فلا يجب فيه العدل، كأن يكون أحد الأولاد متميزاً بعقله وذكائه فيوليه الوالد عناية خاصة تيسر له ذلك، ولو صرفها في إخوته لضاعت هدرا، ولهذا يؤمر الوالد أن يعنى بكل واحد من ولده بحسب ما يسر له، وأما العطية فلا يجوز له أن يميز أحداً من أحد، ولو تميز بعضهم في الصلاح أو الخلق، أو العلم والعقل، وغير ذلك، وليس في قصص يوسف- عليه السلام- أن أباه يعقوب-عليه السلام- منحه شيئاً من الدنيا، بل كان يحبه حباً له أسباب عظيمة عرف إخوته بعد ذلك أسرارها فعذروا أباهم وعرفوا منزلة أخيهم، وقد يكون للمحبة أسباب تجعل المحب يذهل أحياناً عن العدل فيما يجب العدل فيه من غير عزم ولا إرادة جازمة فيعذر. والله أعلم.