للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخوف أم الرجاء..]

المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء

التاريخ ٢٦/٣/١٤٢٥هـ

السؤال

كيف يجمع الإنسان في قلبه ما بين حسن الظن بالله (خاصة حين يأتي بمعصية) وعدم الأمن من مكر الله (خاصة حين يكرمه الله بحسنة) .وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

اعلم - رحمك الله- أن على العبد أن يحسن الظن بربه؛ فإن هذا من الواجبات الدينية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى" خرجه مسلم (٢٨٧٧) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، ولنهيه - جل وعلا- ووعيده لمن أساء به الظن قال تعالى: "الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" [الفتح: من الآية٦] ، والمؤمن في الوقت نفسه لا يأمن مكر الله؛ لأن الله -تعالى- يقول: "أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" [الأعراف:٩٩] ، ومكر الله هو استدراج العصاة بتوالي النعم عليهم مع إصرارهم على المعاصي.

وحاصل الأمر أن على العبد إذا أذنب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يحسن الظن بربه باعتقاده أن الله يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ولا ييأس من روح الله، وكلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء صادق التوكل عليه، فإن الله لا يخيب أمله، والمؤمن يجمع إحساناً في مخافة وسوء ظن بنفسه، والمغرور حسن الظن بنفسه مع إساءته، وعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله، يقول ابن القيم - رحمه الله -: (والتحقيق أن حسن الظن بالله يدعوه إلى التوكل عليه، إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه والله أعلم) ، انظر مدارج السالكين (٢/١٢١) . ويقول ابن تيمية - رحمه الله-: (وينبغي للمؤمن أن يكون خوفه ورجاؤه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه، ونص عليه الإمام أحمد؛ لأن من غلب خوفه وقع في نوع من اليأس، ومن غلب رجاؤه وقع في نوع من الأمن من مكر الله) ، انظر الفتاوى الكبرى (٤/٤٤٣) ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>