للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ آل البيت من الصدقة بعد تعطّل الخمس

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٧/٠٩/١٤٢٦هـ

السؤال

لما حرمت الصدقة على آل البيت عوضهم الله عنها بالخمس من بيت المال، وهم الآن لا يأخذون من ذلك شيئاً، وفي بعض أسرهم فقر مدقع، فهل يعطون من الصدقة، وهل تحل لهم؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ثبت في صحيح مسلم (١٦٧) عن عبد المطلب بن ربيعة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس". وفي رواية (١٦٨) : "وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد".

وقد اختلف أهل العلم في المراد بالصدقة المحرمة على آل البيت الشريف - هل هي صدقة الفرض (الزكاة) دون التطوع، أم هي صدقة الفرض والتطوع، أم هي صدقة التطوع دون الفرض؟ - على ثلاثة أقوال؛ أضعفها ثالثها، وأرجحها من حيث النظر: الأول، ومن حيث عموم الأثر: الثاني.

هذا كله فيما إذا كان يصرف لأهل البيت من خمس الغنيمة والفيء الواجب لهم في بيت المال.

أما إذا منعوا من الخمس لاستبداد الولاة به كما في عصور مضت، أو لم يوجد خمس كما هو الواقع الآن، فقد اختلف أهل العلم في جواز أخذهم للصدقة على قولين:

القول الأول: التحريم، وقد ذهب إليه الجمهور.

القول الثاني: الجواز؛ لأنه محل حاجة أو ضرورة، وممن قال بهذا من الحنابلة: القاضي يعقوب، وأبو البقاء، وأبو صالح، والآجري، ونصر الجيلي، وأبو طالب البصري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، كما حكاه عنهم المرداوي في الإنصاف (٧/٢٨٩) ، ومن الشافعية: أبو سعيد الإصطخري، وأبو سعيد الهروي، ومحمد بن يحيى، كما حكاه عنهم النووي في الروضة (٢/٣٢٢) ، ومن المالكية: محمد بن مرزوق، كما في مواهب الجليل (٢/٣٤٥) ، حيث نقل الحطاب عن الونشريسي، عنه أنه قال: "والراجح عندي في هذا الزمان أن يعطى- يعني الفقير من آل البيت- وربما إعطاؤه أفضل من إعطاء غيره"أهـ.

بل هذا قول مروي عن أبي حنيفة -رحمه الله- رواه عنه أبو عصمة، كما في حاشية ابن عابدين (٣/٢٩٩) ، وعلل ذلك بقوله: "لأن عوضها -وهو خمس الخمس -لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى مستحقيها"أهـ. ومن الحنفية من أطلق هذه الرواية عن أبي حنيفة، وأنه يقول بحل الصدقة لآل البيت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مطلقاً.

وبكل حال، فالأرجح من القولين، هو الثاني منهما، وهو من ارتكاب أخف الضررين، وأدنى المفسدتين، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>