الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو، إليه المصير، والصلاة والسلام على إمام التائبين القائل:"والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" أخرجه البخاري (١١/٨٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أختي السائلة، لقد قرأت رسالتك بكل مرارة وحزن، ويعلم الله أنه قد ساءني جداً ما وقعت فيه من جريمة الزنا، تلك الجريمة المنكرة، والكبيرة الموبقة المهلكة، والتي هي عدوان آثم على العرض، وهتك للستر، وتدنيس للشرف، وقتل للفضيلة، وإماتة للعفاف والحشمة، ونشر للرذيلة، وإضاعة للأحساب والأنساب، وعار وشنار على صاحبها، فهذه الجريمة البغيضة تنافي الإيمان وتجافيه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه البخاري (٢٤٧٥) ، ومسلم (٥٧) ، وعنه - صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان كالظلة، فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان" أخرجه الترمذي (٢٦٢٥) ، وأبو داود (٤٦٩٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومع هذا كله وفوق هذا كله من تاب إلى الله تاب الله عليه، بل إذا صدق في توبته فإن الله يبدل هذه السيئات إلى حسنات، وإن شئت فاقرئي قوله - تعالى -: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"[الفرقان: ٦٨-٧٠] .
أرأيتِ - يا أمة الله - كيف أن الله - جلَّت قدرته ووسعت رحمته - لطيف بعباده:"يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"، بل قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -سبحانه وتعالى وتقدس في عليائه - يفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه، عن أنس -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه البخاري (٦٣٠٩) ، ومسلم (٢٧٤٧) ، واللفظ لمسلم.
فيا أمة الله، البدار البدار إلى التوبة النصوح، والرجوع إلى الله والندم على ما حدث، ولقد وضع أهل العلم شروطاً للتوبة النصوح وهي: