للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره ...]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية

التاريخ ٠١/٠٤/١٤٢٦هـ

السؤال

ما رأي علمائنا في الروايات الواردة التي نصها من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره، وإن لم أكن قلته؟ فهل هذه القاعدة تامة عندنا، من أنه من بلغه ثواب على عمل ما فعله الإنسان برجاء ذلك الثواب فإنه يحصل عليه، وإن لم يقله النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الحسن بن عرفة العبدي في جزئه ص: ٧٨ (٦٣) ، قال: حدثنا أبو يزيد خالد بن حيان الرقي، عن فرات بن سليمان، وعيسى بن كثير، -كليهما- عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغه عن الله -عز وجل- شيء فيه فضل، فأخذه إيماناً به، ورجاء ثوابه، أعطاه الله -عز وجل- ذلك، وإن لم يكن كذلك".

ومن طريقه الخطيب في تاريخه (٨/٢٩٦) ، وابن الجوزي في الموضوعات (١/٢٥٨) .

وفي إسناد الحديث أبو رجاء، وقد رمي بالكذب، قال يحيى بن معين: "كذاب"، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٤٠٥) : "خالد وفرات فيهما مقال، وأبو رجاء لا يعرف". قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وأخرجه أبو الشيخ في مكارم الأخلاق كما في المقاصد (ص ٤٠٥) ، من طريق بشر بن عبيد الله، حدثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعاً. وبشر متروك.

وأخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده (٣٤٤٣) ، ومن طريقه ابن عدي في الكامل (٢/٥٩) ، والطبراني في المعجم الأوسط (٥١٢٩) ، من طريق بزيع أبي الخليل عن ثابت عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها، لم ينلها". وبزيع ضعيف جداً.

وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١/٢٢) ، من طريق أبي معمر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: "من بلغه عن الله فضل فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه أعطاه الله ما بلغه، وإن كان الذي حدثه كاذباً".

وأبو معمر عباد بن عبد الصمد، قال أبو حاتم: "ضعيف جداً"، وقال ابن حبان في المجروحين: "روى عن أنس نسخة أكثرها موضوعة".

وهذا الحديث لا يستقيم من جهة المعنى لأمرين:

١- يخالف ما دلت عليه الأدلة من وجوب التثبت والاحتياط في قبول الأخبار.

٢- أن العمل بهذا الحديث يؤدي إلى العمل بأشياء لا تثبت، فيحصل الوقوع في البدع والمخالفات الشرعية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ" أخرجه مسلم (١٧١٨) . هذا والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>