[الرسوم الكرتونية]
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل
التاريخ ١١/٦/١٤٢٥هـ
السؤال
فضيلة الشيخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن لدي سؤالاً كان يحيرني دائماً، عن فن الرسم، إذ إنني رسَّامة ماهرة، لكن على الطريقة الكرتونية التي ترسم أشخاصاً يشبهون (سالي) و (هايدي) ، وليس على طريقة تقليد الخلقة الحقيقية للفتيات، سمعت بعض الفتاوى أباحت هذه الرسومات، وسمعت أخرى حرَّمتها، لكن المشكلة أنني لا أستطيع تركها؛ لأنني إنسانة كتومة لا تروي ما بداخلها لأحد، وليس لها طريقة للتنفيس عن أفكارها ومشاعرها إلا عن طريق الرسم، الذي تخط فيه الشخصية التي تعجبها، وترسم في عينيها النظرة التي تريدها، ثم تجلس لتتأملها، وهي تشعر بأن بينهما علاقة قوية منذ زمن، بهذه الطريقة فقط أُنفِّس عن أفكاري ومشاعري، ولكنها لا تؤدي بي إلى المبالغة والتصرفات الغريبة التي تشعر الناس بأن صاحبها مصاب بحالة من الفصام أو الذهان، أو أي من هذه الأسماء النفسية.
ولذا أحب أن أسأل إن كان في الرسم شيء، فإن لم يكن فيه شيء فالحمد لله، وهذه نعمة أخرى أن يسر لي هواية أستطيع ممارستها متى شئت، فما شروط الجواز؟ وإن كانت حراماً كلها، فكيف أتخلص من هذه العادة؟ وهل أترك هوايتي التي يتمنى الكثيرون أن يرزقهم الله إياها؟
وتقبلوا عظيم شكري وامتناني. والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الرسم فن من الفنون الجميلة، تظهر فيها براعة الإنسان ومهارته، ويستطيع خلاله أن يعبر عن مشاعره، ويجسد على الورق خيالاته، وكم من رسام اختزل في رسوماته من المعاني ما لو أراد التعبير عنها بالكلام لاحتاج إلى مداد وأوراق، وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن الذي يمارس هذا الفن لديه - بلا امتراء - تذوق للجمال.
قد لا يكون لي تذوق لهذا الفن، ولا دراية به، ومع ذلك فلا يسوغ لي ولا لغيري أن نجعل من جهلنا بهذا الفن وعدم تذوقنا له مدعاة لزجرك عنه، وتنفيرك منه، حتى تتركيه جملة وتفصيلاً بدعوى أنه لا جدوى منه، أو أنه تضييع للوقت لا ينفع الإسلام ولا المسلمين في شيء. وكثيراً ما يكون الاستخفاف بهذا الجمال الفني سببه الجهل وعدم التذوق.
إن الإسلام لا يحرم الإنسان هذا التذوق للفن الجميل، ولا يحرم عليه شيئاً منه إلا ما عساه أن يحرمه لذة أعظم وأجدى، أو يجلب عليه مفسدة في دينه هي أعظم من معرة حرمانه من هذا الفن.
فليس بصحيح - كما يدعيه بعضهم- أن الإسلام يحارب الفنون الجميلة ومظاهر الحضارة الراقية، وليس بصحيح أيضاً أن الإسلام لا شأن له بهذه الفنون، لا بتحليل ولا بتحريم، وأن شأنه محصور بحدود العبادات.
وإنما الصحيح أن الإسلام لم يطلق للرغبات العنان، بل قد ضبط حدود هذه الممارسة للفن وهذا التذوق لجماله، حتى لا تعارض مقصداً شرعياً، ولا تهدم منه أصلاً، وحتى لا تفتح على الإنسان باباً إلى الفساد والفتنة. ويتحصل من هذا أن ممارستك لفن الرسم لا شيء فيه من حيث أصله، ولكنه مقيد بقيود ومشروط بشروط.