للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مصافحة المرأة الأجنبية]

المجيب

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة

التاريخ ١٦/٢/١٤٢٣

السؤال

ما حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية وخاصة زوجة الأخ، أخت الزوجة، بنت العم والخال مع الدليل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه،

وبعد: فالمصافحة: مفاعلة من وضع صفح الكف في صفح كف آخر، وصفح الكف بطنها، ومصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه محرمة مطلقاً، سواء كانت ذات رحم، كبنت العم، وبنت الخال، ونحوهما، أو كانت قريبة من غير ذي الأرحام، كزوجة الأخ، وأخت الزوجة، أو كانت بعيدة كسائر النساء، هذا قول الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة السلف، وإنما خالف أبو حنيفة وأحمد في العجوز التي انقطع إرب الرجال منها، وقد دل على تحريم مصافحة الأجنبية حديث معقل بن يسار مرفوعاً:" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، وهذا حديث أخرجه الروياني (١٢٨٣) والطبراني في الكبير (٢٠/٢١١) من حديث شداد بن سعيد، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن معقل -رضي الله عنه-، وهذا إسناد صحيح، قال ابن تيمية بعد ذكره تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية -:" والمس كالنظر، وأولى".

فإن قيل: جاء عند البخاري (٤٨٩٢) عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا: (أن لا يشركن بالله شيئاً) ، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها"، وهذا دال على أن المبايعة كانت بالمصافحة، وإلا لما صح التعبير بقبض اليد.

فالجواب: أن قبض اليد محتمل للقبض الحسي، وللقبض المعنوي، كأن يكون كناية عن التأخر عن قبول البيعة حتى ترد الإسعاد لصاحبتها، وإنما يجب الجزم بهذا الاحتمال الثاني لحديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين (البخاري (٤٨٩١) ومسلم (١٨٦٦)) قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله -تعالى-: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله- غفور رحيم) فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" قد بايعتك " كلاماً، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك"، ولحديث مالك في الموطأ عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت:" أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نسوة بايعنه على الإسلام، إلى أن قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:" إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة"، وأخرجه الترمذي (١٥٩٧) والنسائي (٤١٨١) وابن ماجة (٢٨٧٤) وأحمد (٢٧٠٠٦) من هذه الطريق، وإسناده صحيح.

فإن قيل: ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصافح النساء في المبايعة من وراء ثوب، فقد جاء عند أحمد في مسنده (٢٧٥٧٢) عن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله، فقال: " إني لست أصافح النساء ".

فالجواب: أن الراوي عن أسماء هو شهر بن حوشب، وهو كثير الإرسال والأوهام، فحاله لا تحتمل المخالفة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>