للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا رضيتُ بالمقام في بلاد الغرب!

المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي

عضو البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصرة

التاريخ ٠٢/٠٥/١٤٢٥هـ

السؤال

أنا طالب، أدرس في بلاد الغرب، وقد منَّ الله علي بالهداية، واستقمت ولله الحمد والمنة، وهذا بفضل ربي بعد حياة كئيبة مليئة بالمعاصي والفواحش فالله الحمد، في هذه البلدة يوجد عدد كبير من المسلمين، وتوجد المساجد وحلقات العلم، ودروس تحفيظ القرآن، وأصبحت مكبا على حضور هذه الحلقات وإيماني ولله الحمد يزيد فادعوا لي بالثبات.

لكن تواجهني مشكلة وهي شعوري بعدم الرغبة لمجتمعي السابق، فأنا من المملكة العربية السعودية لكنني إذا ذهبت فترة الإجازة أتضايق، وأريد أن أرجع إلى بلاد الغرب، فأشعر أن هناك قيودا تقيدني عن الإبداع والإنتاجية، أشعر بأن أفراد المجتمع (محبطين) (مثبطين) وقد استغرقوا في المظاهر المادية (البحتة) فدائماً أفكر ماذا سوف أفعل إذا رجعت بعد الدراسة ينتابني إحساس بأني أريد العزلة بعيداً عن هذا المجتمع، ودائما أتذكر في بلاد الغرب المقولة (وجدت الإسلام ولم أجد مسلمين) فأراها حقيقة، مع العلم أني مدرك جيداً الأخطار التي تترتب على الجلوس في بلد الكفر وأنا على علم بالانحطاط الأخلاقي الذي هم فيه، فإذا واجهتني مشاهد أحمد الله على أن رزقني بنعمة الإسلام ومنَّ علي بالهداية وطريق الاستقامة. دلوني إلى الطريق الصحيح جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله -تعالى- لك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأن يزيدك من فضله وتوفيقه، وأحسب أيها الأخ المهتدي أن الله -تعالى- أذاقك حلاوة الإيمان، فاعلم أن الإيمان درجات ومراتب، فاصعد في هذا السلَّم الشريف؛ تجد من الحلاوة والسكينة أعظم مما ذقت إن شاء الله "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".

وأما شعورك بعدم الرغبة بمجتمعك السابق للأسباب المذكورة، فمرده إلى البيئة الخاصة التي تحيط بك حين عودتك، ولو أنك أجلت النظر، ودققت البحث لوجدت في أبناء المملكة خيراً كثيراً، وعملاً دؤوباً، كيف لا وجزيرة العرب مهد الرسالة, ومأرز الإسلام.

وأما مقام المسلم بين ظهراني الكفار فينبغي أن يكون بقدر الضرورة فقط، من تحصيل علم، أو دعوة إلى الله، أو قضاء حاجة لا بد منها، فقد تبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن يقيم بين ظهراني المشركين، وأمر بالهجرة إلى بلاد الإسلام ونهى عن تعرب المهاجر؛ لما للبيئة من تأثير كبير.

ونحن لا ننكر أن يكون في بلاد الغرب بعض الجوانب الإيجابية، وأن يكون في بعض بلاد المسلمين مظاهر سلبية! لكن إيجابياتهم مضمحلة بجنب سيئة الكفر والفسوق والعصيان، وسلبيات المجتمعات الإسلامية مغمورة بحسنة التوحيد والطاعة والإحسان، وحري بمن منَّ الله عليه بالهداية أن يسهم في إصلاح مجتمعه وتحصنه وتنقيته.

وأما المقولة التي استشهدت بها من أن في بلاد الغرب إسلام بغير مسلمين! فغير صحيحة، إذ أن ما تشير إليه هي جملة من الأخلاق الإنسانية العامة التي يشترك البشر العقلاء في تبنيها وأما أخص خصائص الإسلام وهو توحيد الخالق وإفراده بالعبادة، والإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم- واتباعه، فمفقود في تلك المجتمعات الغربية، فأين الإسلام الذي وجده؟!.

أسأل الله أن يجعلك مباركاً أينما كنت، وأن يكتب لك الهداية والتوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>