عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ ٢٩/٤/١٤٢٣
السؤال
قرأت فتوى تجيز للمرأة التي أسلمت أن تبقى مع زوجها النصراني لا بقاء عقد الزواج فحسب، وإنما يجوز له معاشرتها وهو على كفره، واستدل بأثرين عن علي -رضي الله عنه- وعن الزهري، فهل يحمل الأثران على بقاء العصمة مع التربص دون المواقعة كما هو مذهب شيخ الإسلام وابن القيم؟ أرجو التوضيح والله يرعاكم.
الجواب
عدم جواز بقاء المرأة المسلمة في عصمة الكافر قول جمهور أهل العلم، بل نقله بعضهم إجماعاً كابن المنذر وابن عبد البر، وإنما الخلاف بينهم هل تقف الفرقة على انقضاء عدة المرأة أو أنها تقع في الحال؟ قال الموفق في المغني:"فأما إن أسلمت الكتابية قبله وقبل الدخول تُعجلت الفرقة سواء كان زوجها كتابياً أو غير كتابي، إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم" وإن كان إسلامهما بعد الدخول فالحكم فيه كالحكم فيما لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين، وقال الحافظ ابن حجر:"ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها، وممن نقل الإجماع في ذلك ابن عبد البر".
والناظر في كلام أهل العلم في هذه المسألة يرى أنها لا تخرج عن قسمين، أحدهما: أن يكون إسلام المرأة قبل الدخول، وفي هذه الحالة تقع الفرقة على الفور بالإجماع -على ما تقدم-.
والثاني: أن يكون إسلامها بعد الدخول وفي هذه الحالة اختلف الفقهاء على قولين، أحدهما: تقف الفرقة على انقضاء العدة؛ لما أخرجه مالك (١١٧٨) والبيهقي (٧/١٨٦) عن ابن شهاب قال:"كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو شهر، أسلمت يوم الفتح، وبقي صفوان حتى شهد حنيناً والطائف وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرِّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح" ...
وقال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده.
وهذا القول هو الظاهر عندي؛ لما تقرر عن السلف من عصر الصحابة ومن بعدهم، قال ابن شهاب:" أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم فبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- فثبتا على نكاحهما مالك في الموطأ (١١٨٠) والبيهقي (٧/١٨٧) . وقال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، وإن أسلم بعد العودة فلا نكاح بينهما، ولأن أبا سفيان خرج فأسلم عام الفتح قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة ولم تسلم هند امرأته حتى فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة فثبتا على النكاح، وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية فلقيا النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح بالأبواء فأسلما قبل نسائهما، ولم يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرَّق بين أحد ممن أسلم وبين امرأته، ويبعد أن يتفق إسلامهما دفعة واحدة.