بدأت البحث مؤخراً في موضوع الصلاة على الأرض مباشرة، والخلاصة التي خرجت بها هو أن هذا ما كان يفعله الرسول -عليه الصلاة والسلام- وكذا الصحابة- رضي الله عنهم- أي الصلاة ووضع الجبهة مباشرة على الأرض، وهذا ما يلتزم به الشيعة، كما أن هناك أحاديث وفتاوى تبين أنه يمكن أيضاً الصلاة على سجاد، شريطة ألا يكون مما يلبس، وألا تكون به ألوان أو رسوم، سؤالي هو: لماذا يلتزم الشيعة بما فعله النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا نلتزم به نحن السنيون؟ ثم إن المسجد الذي بحينا مفترش بأغطية ملونة يصلي عليها الناس, فما العمل؟ هل أصلي في بيتي وأمتنع عن المسجد؟ أثابكم الله وأعانكم على الخير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب وبالله التوفيق:
هذا الدين الذي كرمنا الله بالانتساب إليه وتعبدنا به، دين يسر لا مشقة فيه، ولا حرج، وهذا أمر ظاهر في تكليفاته وعباداته التي تعبدنا بها، حيث إن الله - سبحانه- ربطها في أدائها بالاستطاعة؛ "فاتقوا الله ما استطعتم"[التغابن: ١٦] ، ولم يكلفنا بطقوس نلتزمها كما هو حال أهل الكتاب، والصلاة أوضح مثال لهذا، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"فضلت على النبيين بست" وذكر منها: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" رواه البخاري (٣٣٥) ، ومسلم
(٥٢١) ، وهذا يعني أنه لا يلزم أن تؤدى الصلاة في مكان مخصوص، بل كل مكان طاهر يصح أن يصلى فيه، مبنياً معداً للصلاة فيه أو غير مبني، وإذا لم يوجد الماء فإن المسلم يكفيه التيمم بالصعيد الطيب "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا"ً [النساء: ٤٣] ، ولم يكن مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفروشاً بحصير ولا بغيره، وكان الرسول - عليه الصلاة والسلام- يصلي في مسجده على الأرض مباشرة، ولكنه ثبت عنه أيضاً أنه صلى على الحصير في مرات عديدة في بيته، وفي بيت أم سليم - رضي الله عنها-، كما روى ذلك أنس ابنها - رضي الله عنه-، انظر: البخاري (٣٨٠) ، ومسلم (٦٥٨) وكذلك صلى على الحصير في بيت عتبان بن مالك - رضي الله عنه- انظر: البخاري (١١٨٦) ، ومسلم (٣٣) ، وغير ذلك.
فالصلاة على الحصير والفرش سنة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هي ثابتة في صلاته على الصعيد من غير حائل، والعبرة ليست بوجود الحصير من عدمه، بل بطهارة المكان التي هي من شروط الصلاة، وهي إحدى الطهارات الثلاث المشترطة في الصلاة (طهارة الثوب والبدن والبقعة) .