ما هي المبررات التي تجعل المملكة العربية السعودية تمنع إقامة الكنائس على أراضيها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمملكة العربية السعودية تنطلق -في منعها إقامة المعابد غير الإسلامية على أراضيها- من منطلقات شرعية ملزمة للدولة التي تتشرف بحضانة الحرمين الشريفين، والسيادة على جزيرة العرب. وهذا محل اتفاق بين المسلمين قديماً وحديثاً، وليس إجراءً محليًّا طارئاً كما يتوهمه بعض من لا يعرف أحكام الشريعة الإسلامية. فإن من الخصائص الشرعية للجزيرة العربية أن تكون معقلاً للإسلام. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" رواه أحمد (٢٥٨٢٠) . والمقصود أن يكون الدين الظاهر هو الإسلام فقط، ولا يسمح لغيره بالاستعلاء من خلال بناء المعابد ونحوها.
ولا وجه لاستغراب هذا التشريع من قبل غير المسلمين، فلم تزل كل ملة على وجه الأرض تقدس بعض البقاع، وتخلع عليها صفة الخصوصية الدينية؛ فالفاتيكان لا يأذن بإقامة كنيسة بروتستانتية، أو أرثذوكسية فوق أراضيه، فضلاً عن أن يخطر ببال أحد أن يأذن بإقامة مسجد، أو معبد لديانة غير النصرانية.
كما أن دولة الفاتيكان عقدت معاهدة (لا تران) مع الحكومة الإيطالية عام ١٩٢٩م، تنال بموجبها خصوصية دينية، دون أن يقول قائل: أليس هذا من تقديس الجغرافية، والاعتداء على حرية الأديان الأخرى!!
لقد رفض الأساقفة اليونان، والأقباط دخول البابا (يوحنا بوليس الثاني) أسقف الكنيسة الكاثوليكية كنائسهم، واضطر إلى إقامة قدَّاسه في فناء دير سيناء، وهم أتباع ملة واحدة!!
فكما تواضع العالم على اعتبار الفاتيكان معقلاً للكاثوليكية، وحوض نهر (الغانج) مغطساً للهندوس، وجبل (هيي Mt. Hiei) قرب العاصمة اليابانية القديمة (كيوتو) موقعاً مقدساً للبوذية، فليتواضع العالم أن الجزيرة العربية معقل للإسلام.
بقي أن نشير إلى أن التسهيلات التي تمنحها بعض الدول الغربية للمسلمين من مواطنيها، والمقيمين فيها، لم تكفلها الكنيسة الكاثوليكية، ولا مجلس الكنائس العالمي. بل منحتها إياهم الأنظمة الليبرالية التي تعتنقها معظم الدول الغربية، بعد تخلصها من نير الكنيسة، وبالمقابل لا زال النصارى في البلاد الإسلامية يحتفظون بكنائسهم منذ عشرات القرون، وفاءً من المسلمين بعهد الذمة.