[التبرع بالدم والأعضاء]
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ١٠/٠٥/١٤٢٧هـ
السؤال
ما حكم التبرع بالدم والأعضاء للمسلمين ولغير المسلمين؟
وما حكم بيع كل من حليب الثدي والدم والأعضاء؟ وإذا كان ذلك غير جائز، فما هي عقوبة فاعله؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا السؤال قد اشتمل على مسائل كبيرة شائكة، وهي من المسائل المعاصرة، أو ما يطلق عليه البعض (النازلة) ، وقد بحثته مجامع فقهية ومؤتمرات، وصدرت في بعض المسائل فيه قرارات، وقد تأملت مسائله فوجدتها مشتملة على صور كثيرة، وليست صورة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاث، ووجدت العلماء والباحثين المعاصرين قد اختلفوا في أكثرها، ولذا فقد رأيت الإشارة إلى هذه الصور -حسب اجتهادي- وما فيها من اتفاق، أو شبيه اتفاق، دون التفصيل في حكم جميعها.
فأصل السؤال فيه ثلاث مسائل رئيسة، إحداها تتعلق بالأعضاء الإنسانية، والثانية بالدم، والثالثة بالحليب.
ثم في كل مسألة حكم التبرع وحكم البيع.
ثم إذا نظرنا إلى نقل الأعضاء فنحن أمام الحكم في أصل نقلها، وهو ينقسم إلى نقل الأعضاء التي تتوقف عليها حياة المنقول منه كالقلب، وإلى نقل الأعضاء التي لا تتوقف عليها الحياة كنقل كلية من الكليتين السليمتين.
ثم هذا النقل قد يكون في حال الضرورة، وقد يكون في حال الحاجة وليست الضرورة.
ثم النقل قد يكون من ميت إلى حي، وقد يكون من حي إلى حي.
ثم النقل أيضاً قد يكون في كل صورة من مسلم إلى مسلم، ومن كافر إلى مسلم، ومن مسلم إلى كافر.
ثم النظر في ذلك كله من حيث أصل النقل كما تقدم، ثم من حيث حكم تبرع الشخص نفسه في حال حياته أو الوصية بذلك في حال موته، أو تبرع ورثته بذلك في حال الموت، ثم من حيث بيع الشخص نفسه شيئاً من أعضائه حال حياته، أو بيعاً معلقاً بموته، أو بيع ورثته ذلك.
ثم هناك نظر أيضاً في حال المحكوم عليه بالقتل وما يمكن أن يشمله من صور متقدمة.
هذا ما يتعلق بمسائل الأعضاء.
وأما الدم فله صورة تشبه في بعضها ما تقدم، وإن كانت أقل من ذلك إذ تتعلق بحكم أصل النقل هل هو جائز، أو لا؟ (لشبهة نجاسة الدم) .
ثم هذا النقل قد يكون في حال الضرورة أو الحاجة.
ثم النقل قد يكون من مسلم إلى مسلم، ومن كافر إلى مسلم ومن مسلم، إلى كافر.
ثم على القول بجواز النقل يأتي التفصيل في حكم التبرع على ما تقدم، ثم حكم البيع كذلك.
أما مسألة حليب الأم ففيها شيء من الصور المتقدمة، فهناك التبرع، وهناك البيع، ثم كل منهما قد يكون لمعين وقد يكون عامًّا (بحيث لا يعلم المستفيد من الحليب) ، ثم كل منهما قد يكون من مسلمة لمسلم، أو من كافرة لمسلم، أو مسلمة لكافر.
ثم على القول بالمنع وعدم الجواز في أي صورة من الصور المتقدمة، فما عقوبة من فعل ذلك؟
فإذاً نحن أمام صور كثيرة جدَّا من هذه المسائل وليست كلها ذات حكم واحد لا اختلاف فيه بين المعاصرين، بل قل منها ما فيها اتفاق.