للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إعادة نشر الصور الساخرة بنبينا مطموسة!]

المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه

وزير العدل في موريتانيا سابقاً

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٩/٠٤/١٤٢٧هـ

السؤال

أنا صحفي قمت بإعداد صفحة كاملة في صحيفتي التي تصدر باللغة الإنجليزية، نشرت فيها تقريراً متكاملاً عن الغضب الذي ساد الشارع الإسلامي من جراء الرسوم الدنمركية، التي حاول بها أعداء الدين الإساءة لسيد البشر -صلى الله عليه وسلم- كما نشرت في ذات الصفحة مقتطفات مما قيل إعجابا ومديحاً في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل كبار المستشرقين، والغربيين، والزعماء، وفي ذات الصفحة دمجت ثلاثة من الرسومات الدنمركية سيئة الصيت بعد تصغيرها جداً، في إطار واحد وغطيتها بعلامة (x) كبيرة الحجم تغطي معظم أجزاء الرسومات التي في الإطار والذي لا يزيد مقاسه عن (٧x٩ سم) تقريباً، بينما مقاس الصفحة من الحجم الكبير.

إعادة نشر تلك الرسوم المصغرة بعد شطبها وتحقيرها كان في معرض الرد على الإساءات التي يحاول الرسامون أن يلصقوها برسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنزه عن ذلك.

اتهمت في عقيدتي، وسجنت لمدة ١٢ يوماً، وأحيلت القضية للمحكمة، ولا أدري ما الله فاعل بي؟

فهل ما فعلته يستوجب العقاب؟ أم أنه جائز بحكم أنه جاء في معرض الرد على الإساءة لا بغرض الإساءة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فنقول لهذا الأخ السائل: إن عليه أن يتجنب مواضع التهم، وكما جاء في الحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه الترمذي (٢٥١٨) ، وغيره. وهو بنشره لهذه الرسوم عرض نفسه للتهم، وجعل نفسه في وضع المتهم، فهذه الرسوم يغار عليها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، فلماذا يقوم إذاً بنشرها مرة ثانية؟ حتى على افتراض حسن نيته.

وينبغي أن نصدقه فيما قال وأنه إنما نشرها بحسن نية، ولكن مع ذلك ما كان ينبغي له أن ينشرها، فهو يعرف أن السبب في ثورات المسلمين وفي غضبهم هو: رسم هذه الرسوم، وأنها أساءت إلى سيد الخلق، وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، فلماذا يعيد نشرها؟ ويقول: إنه يعيد نشرها دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم! ولكن دفاعاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعد نشرها، عليك أن تنشر سوى ذلك فنشرك لما ذكره كبار المستشرقين في جانب النبي صلى الله عليه وسلم هذا شيء طيب.

وبصفة عامة أرى أن المحكمة يمكن أن تصدقك فيما قلت، وأن تقبل عذرك، وتقبل توبتك، وما أعربت عنه من الأسف على ما بدر منك، وعليك أن لا تعود إلى ذلك.

ثم وصية أخيرة: عليك أن لا تستقوي بأعداء الدين على أهل الدين، حتى لو أنزلت بك المحكمة حكماً لا تراه عادلاً، فلا تلجأ إلى غير المسلمين، فإن لجوءك إلى غير المسلمين يجعلك في خانة المنافقين، واصبر على قومك حتى ولو رأيت أن الحكم ليس عادلاً بحقك، أو رأيت أن الحكم يجور عليك، ويذكر في هذا المقام أن كعب بن مالك -رضي الله عنه- في الفترة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بهجرانه فيها -جاءه كتاب من ملك غسان النصراني يدعوه فيه إلى أن يلتحق بهم فرمى هذه الرسالة في النار، لأن إيمانه كان قويا جداً، وقال: حتى هؤلاء يطمعون في هذا منى، ثم تقبل الله توبته وتاب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>