للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل هذا يوجب الهجرة من بلدي؟!]

المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٣/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

أنا طالب في جامعة مختلطة أريد أن أقطع دراستي، وأريد الهجرة للسعودية للدراسة، علماً بأنه لا توجد جامعة غير مختلطة في بلدي، فهل هذا يكفي للهجرة؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. وبعد:

فإنما تجب الهجرة على من لم يستطع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، واعلم أخي الكريم أنه من الغفلة عن حقائق الأمور بمكان أن يظن أحد أنه سيعيش في الدنيا بدون منغصات، قال الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" [البلد:٤] ، وقال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة:١٥٥-١٥٧] . وقال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" [العنكبوت:٢] .

وجاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي (٢٣٩٨) عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة".

وجاء في حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (٢٤/٢٤٥) عن أخت حذيفة بن اليمان فاطمة أو خولة -رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل".

وإن أسعد الناس حالاً في هذه الدنيا من آمن بالله تعالى وصدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- واهتدى بشرعه، وكان آمناً معافى عنده قوت يومه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " أخرجه الترمذي (٢٣٤٦) ، وغيره.

فإذا كنت تستطيع أداء الشعائر الدينية من صلاة وزكاة وصوم وغيرها في مكانك الذي أنت فيه، ولا ترتكب محرمات فلا يجب عليك أن تهاجر من مكانك، بل أرجو أن يكون بقاؤك مع الصبر والنصيحة أولى وأفضل، أما إذا كنت مجبراً على الامتناع عن واجباتك، أو مجبراً على ارتكاب المحرمات ولا تستطيع مقاومة ذلك وتستطيع الهجرة إلى بلاد أخرى تقيم فيها شعائرك الدينية وتتوقى فيها من الوقوع في الحرام فعليك أن تهاجر فرارا بدينك.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وجعل لك من كل ضيق مخرجا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>