ما هو الحكم في شخص يكفر بعض الصحابة - رضي الله عنهم- والعياذ بالله، مثل أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم-؟ وما الحكم فيمن لا يكفر الصحابة - رضي الله عنهم-، ولكن لا يكفر من يكفرهم؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تكفير الصحابة - رضي الله عنهم- جرم عظيم وجناية كبيرة، وتعدٍ على مقامات عظيمة، واتهام للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالتقصير في التربية، وتكذيب لله الذي زكاهم وحكم بفضلهم ورضي عنهم، ومخالفة صريحة لنصوص القرآن العظيم، ورد لما أجمع عليه المسلمون من الصحابة-رضي الله عنهم- والتابعين وسائر أهل العلم والدين الذين يرون في الصحابة- رضي الله عنهم- النموذج الأعلى، والقدوة المثلى، والجيل الأفضل والأعلم والأحكم، وكيف لا وهم تلاميذ سيد الخلق -صلى الله وعليه وسلم-، وخاصة الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- وفضلهم بحسب ترتيبهم في الخلافة، ومن المعلوم أن من كذب بالقرآن وردَّ آياته، وأعرض عن حكمه، وخالف أمره المعلوم وتوجيهه البين فإنه يجني على نفسه جناية عظيمة، وهذا الاعتقاد والقول به كفر وردة عن الإسلام لما فيه من التكذيب لله تعالى ولنصوص القرآن؛ كقوله تعالى "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه"[التوبة:١٠٠] ، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" رواه البخاري (٣٦٧٣) ، ومسلم (٢٥٤١) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، والقائلون بهذا القول قالوا بما لم يقله اليهود ولا النصارى فإنهم إن سئلوا من خير أهل ملتكم قالوا أصحاب موسى وحواريو عيسى وهؤلاء يقولون شر أهل الملة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفى بذلك إفكا وجرما ومخالفة وانحرافا.
أما من لم يكفر من كان هذا حاله فليس بكافر، بل قد يكون معذورا مأجورا؛ لأن الحكم بالكفر على معين -فردا كان أو طائفة- من المسائل التي يقع فيها الخلاف بين أهل العلم، ولا بد فيها من وجود شروط الحكم وانتفاء موانعه، والصواب في هذا الحال أن يقال -كما سبق- هذا القول والاعتقاد به كفر، أما القائل به والمعتقد له فلا يكفر إلا بوجود الشروط وانتفاء الموانع. والله تعالى أعلم.