للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل في هذه الآيات ما يبيح الثناء على النفس؟]

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٨/٠٢/١٤٢٧هـ

السؤال

في سورة النبأ، وتحديداً في تعداد الله تعالى لنعمه، وبيان قدرته، كما في الآيات التالية: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا، وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا" استنبط أحد طلاب العلم فائدة من هذا المعنى، فقال: للداعية أن يزكي نفسه في موطن من المواطن إذا احتاج إلى ذلك، وقال: إذا كان الله -تعالى- مع جلالة قدره، ورفعة شأنه، احتاج أن يبين عن نفسه في هذا الموطن، فالداعية إلى الله تعالى من باب أولى. فهل تستقيم له هذه الفائدة من هذه الآيات بالذات؟ وما صحة قول من يقول: لا تتشبه بأفعال الله تعالى، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: (ليس كمثله شيء) ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالاستدلال بآية سورة النبأ غير صحيح؛ فكل ما ذكر فيها من خصائصه سبحانه وحده. ولكن لو قيل -دون الاستدلال بالآية-: إن الله يثني على نفسه ليعلم خلقه كيف يثنون وكيف يثني بعضهم على بعض لكان حسنًا، وثناء المرء على نفسه بالحق عند الحاجة جائز دلت عليه نصوص أخرى، لقوله -تعالى- حكاية عن يوسف: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: ٥٥] ، وقول ابنة شعيب: "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" [القصص: ٢٦] ، وقول كل نبي لقومه: "أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ" [الدخان: ١٨] .

أما الاستشهاد بآية " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" [الشورى: ١١] على منع التشبه بأفعال الله فصحيح، فإن أسماء الله وصفاته -ومنها أفعاله سبحانه- لا تشبه صفات وأفعال المخلوقين. وكون الله موصوفاً بالعلم والحكمة والرحمة ونحوها، والمخلوق يوصف بهذه الأوصاف، فقد تعني التشبه بأفعال الله -سبحانه- فكل من الخالق والمخلوق يتَّصف بهذه الصفات، ولكن لكل من الرب والعبد ما يناسبه منها. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>