للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كان إنكاره من أجل التصوير فالخطب أيسر؛ ولكن عليه أن يعلم أن التصوير المعاصر مسألة اجتهادية, والعلماء الكبار لا يخالفون في ذلك إذا وجدت المصلحة، كما أشرت آنفاً إلى رأي الإمام ابن باز والعلامة الألباني، وأضيف أيضًا شيخنا ابن عثيمين رحمه الله وشيخنا ابن جبرين حفظه الله وغيرهما كثير.

وأما من كان يرى رأي هؤلاء المشايخ في التصوير أي بجوازه للمصلحة، ثم هو مع ذلك يشدد النكير على وجود قنوات إسلامية فهذا لم أجد له وجهاً.

ومن ظن أن مثل ذلك يعد إقراراً لبقية القنوات، وأن فيه إغراءً للشباب بمتابعتها، كما قد ظن أيضاً من شدد النكير على من يشاركون في القنوات غير الإسلامية، أن ذلك حمل البعض على اقتناء القنوات ومشاهدتها من أجلهم، ثم فسدوا بسبب تماديهم في البرامج والقنوات.

من ظن ذلك فقد حمّل الأمر ما لا يحتمل، وألزم من غير لزوم، فطالب العلم حين يخرج في برنامج في فضائية لإيصال الحق وتعليم الناس نظراً لكثرة من يتابعها ويشاهدها فهل هو بفعله أراد من كل أحد أن يقتني الدش من أجله؟

كلا..، وذنب من اقتنى وتمادى إنما هو على نفسه، أما طالب العلم والداعية فقصده من كان يشاهد في الأصل، وجمهورهم كثير على المستوى المحلي والعالمي.

وإذا كان لك موقع في الإنترنت تبث منه الخير، أي خير كان في العلم أو الدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها, فهل تتحمل ذنب شخص أدخل الإنترنت من أجل موقعك ثم وقع في المواقع الهابطة فأفسدته؟! إن مثل هذا كمثل ذاك لا فرق.

فينبغي تناول المسائل باعتدال كي لا ينقلب الأمر إلى منهج مختل قد يأتي على كثير من المصالح والقواعد فتخرّ. أو يقف صاحبه عند بعض الأمور لا يستطيع طرد منهجه فيها، فهذا يدل على الخلل فيه، إذ لو كان صائباً لا طّرد ولم يتخلف في بعض المسائل والحالات.

وقد كنت أنتظر بدلاً من الرفض التام للمشاركة في القنوات أن لو كُتب في ضوابط المشاركة فيها، والتنبيه على بعض الأخطاء ممن قد يشارك من أهل العلم والدعوة وأمثالهم من أهل الإصلاح, لا أن تتخذ هذه الأخطاء دليلاً على تحريم المشاركة مطلقاً, فهذا أيضاً من الخطأ في المنهج، حين تكون الأخطاء في العمل المباح أو المشروع من أدلة المنع منه.

بل المنهج الصحيح في تناول المسائل والقضايا أن تناقش على فرض الصورة الخالية من الأخطاء ليعرف الحكم في أصلها.

وفي الختام أشير إلى أن ما حملني على الإطالة في جواب هذا السؤال هو من أجل التلازم الذي قد يقع فيه البعض بين اقتناء الفضائيات وبين مشاركة أهل الإصلاح فيها، فيحمله التلازم إما على الإباحة في الكل أو على المنع في الكل.

ومن أجل أن يعلم الجميع أننا في الوقت الذي نرى فيه المشاركة إذا غلبت المصلحة، نحذر أيضاً من تلك القنوات على وفق التفصيل الماضي بقواعده.

هذا ما أدى إليه الاجتهاد الذي يكتنفه القصور، فما كان من صواب فمن الله، وما كان غير ذلك، فأسأل الله تعالى الدلالة على الحق والتوفيق إليه ومغفرة الزلل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>