عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ ١٥/٠٥/١٤٢٦هـ
السؤال
توفى والدي -رحمه الله- قبل عدة أشهر، ونحن ست بنات، ووالدتي، وليس لنا أخ، وكان والدي قد كتب لي ولأخواتي جزءاً كبيراً مما يملك قبل وفاته بعدة سنوات، وكان في صحَّة جيدة، ولم يُصَب طوال حياته بأي مرض يؤثر على حالته العقلية، فهل يدخل ما كتبه من أملاك في القسمة الشرعية للميراث؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما وُصِف في السؤال من أن والدكم قد وهبكم جزءاً مما يملك وهو في صحة جيدة وأنجزه، بمعنى أنه لم يجعل التملك وصية بعد الموت، وقبضتم تلك الهبة في حياته فإنه لا يدخل في القسمة الشرعية، ولا يكون ميراثاً؛ لأنه حال وفاته ملك لكم قد استقرّ. وبناءً على ما ذُكر يأتي التفصيل الآتي:
(١) لو كان وهب لكم ذلك في مرض موته فيعتبر وصية، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" أخرجه أبو داود (٢٨٧٠) ، والترمذي (٢١٢٠) ، وابن ماجة (٢٧١٣) .
وقال العلماء -بياناً للحديث-: إنه لا يجوز الوصية للوارث إلا برضا بقية الورثة.
ومثل هذا لو كان كتب هذه الأملاك لكم، وجعل ملككم لها بعد موته فهذه هي الوصية، ولا يجوز للوارث إلا برضا الورثة، كما تقدَّم.
(٢) إذا كان قد وهب لكم ذلك في حال صحته -كما وصفتِ- وأنجز الهبة لكن لم تقبضوا تلك الهبة في حال حياته، فلا تكون حقاً لكم؛ لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن أبا بكر -رضي الله عنه- نحلها جاذ عشرين وسقاً من مال له بالعالية، فلما مرِض قال: يا بنية ما أحدٌ أحبّ إليّ غنىً بعدي منكِ، ولا أحد أعزّ علىَّ فقراً منكِ وكنت نحلتُك جذاذ عشرين وسقاً، وودت أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك، فاقتِسمو على كتاب الله عز وجل" أخرجه الإمام مالك في الموطأ، باب ما لا يجوز من النِّحل من كتاب الأقضية (٢/٧٥٢) ، والبيهقي، في باب شرط القبض في الهبة من السنن الكبرى (٦/١٧٠/١٧١) .
فأما إن كنتم قبضتم ما كتب لكم في حال حياته فهو حينئذٍ ملك لكم، كما تقدم في أول الجواب. والله تعالى أعلم.