للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيع المال لبعض الورثة لحرمان غيرهم!]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٤/٠٢/١٤٢٧هـ

السؤال

سيدة لديها أملاك، وليس لديها أولاد ولا زوج، وترثها أخت شقيقة، وأخت غير شقيقة (أخت لأب) ، وابن أخ غير شقيق (أخ لأب) ، وترغب في بيع أملاكها في حياتها بسعر رمزي، -في حدود ١٠% من الثمن الحقيقي- لأولاد الأخت الشقيقة، على أن تأخذ عائد الأرض طول حياتها، وتبقى الأرض تحت يدها إلى أن تموت؛ لوجود ظلم وقع عليها من إخوتها غير الأشقاء؛ حيث إنهم منعوها من بعض إرثها من أبيها، علماً أن هذه الأملاك قد آلت إليها عن طريق الميراث من أمها وليس من أبيها. فهل هذا البيع صحيح؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فهذا البيع غير صحيح؛ لأنه بيع صوري لا حقيقي، فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فالغاية منه حرمان الورثة من الميراث نكالاً بهم، وهذا لا يجوز، فقسمة المواريث قد تولاها الله تعالى بنفسه، فإن تم هذا البيع على هذه الصفة فليس للمذكورين سوى رأس مالهم.

ويجوز للمرأة المذكورة أن توصي بالثلث فأقل من مالها لأولاد أختها، أما ما زاد فليس لها ذلك، فإن فعلت لم تصح الوصية بما زاد على الثلث، إلا إذا أجازها الورثة.

عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه -رضي الله عنه- قال: عادني النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: أوصي بمالي كله؟ قال: "لا" قلت: فالنصف؟ قال: "لا" فقلت: أبالثلث؟ فقال: "نعم، والثلث كثير" رواه البخاري (٢٥٩١) ، ومسلم (١٦٢٨) .

وأنصح المرأة المذكورة بأن تعفو عن إخوتها طلباً للأجر والثواب من الله تعالى، فهو خير ما تتصدق به عليهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أفضل الصدقةِ الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح". رواه أحمد (٢٣٠١٩) من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- -وابن خزيمة في صحيحه (٢٣٨٦) والحاكم (١/٥٦٤) من حديث أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- وقال: صحيح على شرط مسلم.

قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: "قيل في تأويل الكاشح هاهنا: القريب، وقيل: المبغض المعادي؛ فإنه طوى بكشحه على بغضه وعداوته وهو الصحيح والله أعلم" التمهيد (١/٢٠٧) .

وقال المنذري -رحمه الله تعالى-: "ومعنى الكاشح: الذي يضمر عداوته في كشحه وهو خصره، يعني أن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه" الترغيب والترهيب (٣/٢٣١) .

وللعفو أجر عظيم وفضل كبير، قال تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يجب الظالمين" [الشورى:٤٠] .

وقال تعالى: "وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير" [البقرة:٢٣٧] .

وقال تعالى: "إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً" [النساء:١٤٩] .

وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" [التغابن:١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>