للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الموقف من أعمال السلب والنهب في العراق]

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته

التاريخ ٦/٩/١٤٢٤هـ

السؤال

ما قول السادة العلماء الأجلاء في أعمال السلب والنهب التي وقعت في العراق مؤخرا؟ هل يجوز لأصحاب الممتلكات الدفاع عن ممتلكاتهم وأروحهم أم لا؟ فإن قلتم: نعم. فما قولكم في الحديث الصحيح الذي يأمر بترك المقاتلة حال الفتنة من عدم وجود نظام حاكم وكثرة الهرج والمرج وغير ذلك؟ وهل هذا عام في كل ناهب سواء كان مسلما أولا؟ وإن قلتم: لا. فما قولكم في الحديث الصحيح أيضا: من قتل دون ماله فهو شهيد؟ وكيف نوفق بين الحديثين؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب

حرمة مال المسلم ثابتة في القرآن والسنة، قال تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:١٨٨] ، وقال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا ". أخرجه البخاري (٤٤٠٦) ، ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه-، ومن رعاية الإسلام للمال أنه قدمه الله في أكثر من آية على الأنفس، كقوله تعالى: "فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" [النساء: من الآية٩٥] ، وقدمه على الأولاد في مواضع كثيرة؛ منها: قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [آل عمران:١١٦] ، وأوجب في السرقة من المال النصاب المقدر لقطع اليد، وما حصل في العراق من نهب للأموال والممتلكات حرام لا يجوز، وعلى صاحب المال أن يحفظ ماله ويدافع عنه، وإن قتل دونه فهو شهيد؛ لحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-: "من قتل دون ماله فهو شهيد" أخرجه البخاري (٢٤٨٠) ، ومسلم (١٤١) ، وما جاء في النهي عن المقاتلة في زمن الفتنة فهو محمول عند العلماء على ما إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ، ووقوع الظلم على المسلم أو غيره بنهب ماله مسوغ شرعي للدفاع عنه، ولا شك أن أكثر ما وقع من الحروب ولا زال يقع بين المسلمين إنما هو بسبب الأموال والممتلكات بالاعتداء عليها من أحد الطرفين، ومع ذلك سماهم الله مؤمنين وأمر بقتال الطائفة المعتدية: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الحجرات:٩] ، وغير المسلم إذا اعتدي على ماله وجب عليه الدفاع عنه غير أنه إن قتل لا يسمى شهيداً، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>