للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يسوغ التأويل والتورية في الحلف؟]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور

التاريخ ١٣/١٠/١٤٢٦هـ

السؤال

رجل طلب من شخص مبلغاً من المال، علماً أن هذا الرجل معروف بالمماطلة في التسديد وادعاء الإعسار، فيطلب منه الدائن أو المقرض أن يحلف أنه ليس معه جنيهٌ واحد، وفعلاً لا يوجد معه جنيه، لكن أقل ورقة نقدية معه هي مائة جنيه أو دولار، فهل يدخل هذا في الكذب في الحلف؟ أم هو من التورية الجائزة؟ وإذا كان حنثا فما الكفارة المستحقة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فيرجع في الأيمان إلى نية الحالف إلا في الدعاوى، فلا ينفع التأويل ولا التورية عند الحلف في أداء حقوق الآخرين، بل اليمين تنعقد صحيحه على نية المستحلف، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك" رواه مسلم (١٦٥٣) ، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اليمين على نية المستحلف" رواه مسلم (١٦٥٤) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ونظير هذا أن يتأول الحالف في يمينه إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين، ولا ينفعه التأويل وفاقاً". انتهى من الفتاوى الكبرى (٣/١٩٢) .

وتكفيره لهذه اليمين لا يُسقط عنه الإثم؛ لأنها من اليمين الغموس، واليمين الغموس لا كفارة لها إلا التوبة لعظمها، قال ابن القيم -رحمه الله-: "التأويل في اليمين نوعان: نوع لا ينفعه ولا يخلصه من الإثم، وذلك إذا كان الحق عليه فجحده، ثم حلف على إنكاره متأولاً، فإن تأويله لا يسقط عنه إثم اليمين الغموس، والنية للمستحلف في ذلك باتفاق المسلمين، بل لو تأول من غير حاجة لم ينفعه ذلك عند الأكثرين" انتهى من إغاثة اللهفان (١/٣٨٩) .

وأختم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"، فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أراك" رواه مسلم (١٣٧) من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام: "من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان" رواه البخاري (٢٢٨٥) ، ومسلم (١٣٨) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>