للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صحة حديث (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها

التاريخ ٠٣/٠٧/١٤٢٦هـ

السؤال

ما صحة حديث: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلاة على رسول الله، وبعد:

حديث: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبلغنا رَمَضَانَ". وفي رواية: "وبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ".

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٢٣٤٦) ، والبزار في مسنده، -كما في كشف الأستار (٦١٦) -، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٦٥٨) ، والطبراني في الأوسط (٣٩٣٩) ، وفي الدعاء (٩١١) ، وأبو نعيم في الحلية (٦/٢٦٩) ، والبيهقي في الشعب (٣٥٣٤) ، وفي كتاب فضائل الأوقات (١٤) ، والخطيب البغدادي في الموضح (٢/٤٧٣) ، وابن عساكر في تاريخه (٤٠/٥٧) ، من طريق زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس.

وهذا إسنادٌ ضعيف: زائدة بن أبي الرقاد: قال البخاري والنسائي: منكر الحديث، وقال أبو داود: لا أعرف خبره، وقال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه أو من زياد، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: منكر الحديث [ينظر: التاريخ الكبير (٣/٤٣٣) ، الجرح (٣/٦١٣) ، المجروحين (١/٣٠٨) ، الميزان (٢/٦٥) ، التهذيب (٣/٣٠٥) ، التقريب (١/٢٥٦) ] .

وزياد بن عبد الله النميري البصري: قال ابن معين: ليس بشيء، وضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، ثم ذكره في المجروحين، وقال: منكر الحديث يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ: ضعيف [ينظر: تاريخ ابن معين (٢/١٧٩) ، الجرح (٣/٥٣٦) ، الكامل (٣/١٠٤٤) ، الميزان (٢/٦٥) ، التهذيب (٣/٣٧٨) ] .

وقد تفرد زائدة بن أبي الرقاد بهذا الحديث عن زياد النميري، قال الطبراني في الأوسط: "لا يروى هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، تفرد به زائدة بن أبي الرقاد".

وقال البيهقي: " تفرد به النميري وعنه زائدة بن أبي الرقاد، قال البخاري: زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري منكر الحديث".

وقد أشار غير واحد من العلماء إلى ضعف إسناد هذا الحديث منهم: النووي في الأذكار (٥٤٧) ، وابن رجب في لطائف المعارف (ص١٤٣) ، والهيثمي في المجمع (٢/١٦٥) ، والذهبي في الميزان (٢/٦٥) ، وابن حجر في تبيين العجب (٣٨) .

ويحسن الإشارة بمناسبة تخريج هذا الحديث إلى أنه لم يثبت في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح، قال الحافظ ابن حجر في تبيين العجب بما ورد في شهر رجب (ص٢٣) : "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره".

وقال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف (ص١٤٠) : " فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممن ذكر ذلك من العلماء المتأخرين من الحفاظ: أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو بكر بن السمعاني، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم، وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها، وأما الصيام فلم يصح في فضل رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه.... وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظمية، ولم يصح شيء من ذلك، فروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولد في أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في السابع والعشرين من رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره."

<<  <  ج: ص:  >  >>