للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تطور الأحياء (النشوء والارتقاء)]

المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم

التاريخ ٤/٤/١٤٢٣

السؤال

ما هو رأي الإسلام في تطور الأحياء؟ وهل كل الأحياء نشأت من أصل واحد حقيقة؟ لقد شاهدت شريطاً للعالم/ عبد المجيد الزنداني، وقد عارض فيه تلك الفكرة، ولكنه وافق على تطور الأحياء من حيث الحجم، حيث إن ذلك منصوص عليه في أحاديث كثيرة، وشكراً.

الجواب

الحمد لله الذي خلق الإنسان من عدم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

من الأمور القطعية في الإسلام أن آدم هو أبو البشر جميعاً، وأنه بداية الجنس البشري الذي يعيش في الأرض، وأمر الخلق وما حدث في أول خلق آدم وحواء مفصل في القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها: قوله -تعالى-:"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة:٣٠] إلى قوله -تعالى-:"ولا هم يحزنون" الآيات [البقرة:٣٠-٣٨] ، وقوله -تعالى-:"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [آل عمران:٥٩] .

والأديان السماوية كلها على هذا الاعتقاد ولم يخالف فيه أحد، حتى جاء دارون، ووضع ما يسمى نظرية التطور والارتقاء، فأخذ بها الغربيون الذين كانوا في حاجة إلى أي مساندة تقوض سلطان الكنيسة الطاغي، وتحطم هيمنة رجال الدين، وتساند توجههم المادي، ثم اتضح أن هذه النظرية ساقطة علمياً ومنهجياً، ولكنها بقيت ذات تأثير في عقول وقلوب بعض المسلمين الذين تأثروا بالدراسات الغربية مع جهل بدينهم، وهزيمة نفسية أمام ما يسمى الحضارة الغربية، وهم في الوقت ذاته لم يواكبوا تطور المعرفة، فيعلموا أن هذه النظرية قد نقضت عند جملة من كبار العلماء التجريبيين الغربيين، فظن هؤلاء المستلبون أن هذه النظرية لا تخالف الإسلام، وذهبوا يستدلون للنظرية الباطلة بآيات وأحاديث يستلونها من سياقها ويفردونها عن نظائرها، كمن يستدل منهم بقول الله -تعالى-:"وقد خلقكم أطواراً" [نوح:١٤] ، وحاول بعضهم أن يوجد مسوغاً يلائم به بين النظرية المتهافتة والنصوص الشرعية المناقضة لها، فاحتال ببعض الحيل الخادعة، فقال: آدم أبو الإنسان، أما البشر فقد كانوا من قبل ونشأوا وارتقوا ثم انقرضوا، وكل ذلك من ضعف العلم وضعف النفسية أمام سطوة الآلة الدعائية الغربية والهيمنة بشتى صورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>