سب الصحابة، رضي الله عنهم، هل هو كفر؟ ويقول البعض إنه في عهد الأمويين كان يسب علي، رضي الله عنه، وقد أوقف عمر بن عبد العزيز ذلك، فما حكم سب الصحابة، رضي الله عنهم؟ وهل فعلًا كان يسب علي، رضي الله عنه، في تلك الفترة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
سب الصحابة، رضي الله عنهم، على اعتقاد أنهم قد ارتدوا جميعهم إلا أربعة أشخاص كما يقوله:(الرافضة) - كفرٌ؛ لأنه يؤدي إلى تكذيب القرآن الذي أثنى عليهم وزكّاهم، كما قال تعالى:(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ... )[الفتح: من الآية٢٩] . فمن سبهم فقد أغاظوه ومن غيظ منهم فهو كافر.
وأما السبُّ لأحدهم على أمر دنيوي أو سبُّ بعضهم لبعض فليس كفرًا ولكنه معصية- يراجع كتاب الشفاء للقاضي عياض فقد فصل ذلك- وأما سب علي، رضي الله عنه، من بني أمية فأخبار تاريخ لا نستطيع تمييز صحيحها من كذبها، فلا يُعوَّل على ذلك.
وأما حديث مسلم (٢٤٠٤) والذي سأل فيه معاوية، رضي الله عنه، سعد بن أبي وقاص بقوله:(ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟) . فقال العلماء: سبه أي بيان خطئه في حربه له، أو أنه بلغه أنه كان في مجلس تناول أهله عليًّا، رضي الله عنه، بالسب أو بذكر الخلاف بينه وبين بني أمية وتخطئته فيها وسبه بسببها ونحو ذلك، فلم يشاركهم سعد، رضي الله عنه، فيما خاضوا فيه، فسأله عن امتناعه، هل لاقتناعه بأنه كان مصيبًا أم لشيء آخر؟ وإن وقع منهم سب لعلي، رضي الله عنه، فلا شك أن ذلك معصية وكبيرة من الكبائر سواء كان ذلك السب أو نحوه بنفس السبب لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان، رضي الله عنهم، ولكن لا يسب الصحابة أو بعضهم إلا من في قلبه مرض، وأما ما كان يجري بين الصحابة، رضي الله عنهم، فهو مما يجري بين البشر المتعاصرين مما لا يكاد يخلو منه مجتمع من الخلافات، والله يغفر لهم؛ (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر: ١٠] . والله الهادي.