[هل رجم عثمان من وضعت لستة أشهر]
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام
التاريخ ١٧/١١/١٤٢٣هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجدت في تفسير ابن كثير، والطبري، ومصنف عبد الرزاق، والموطأ قصة رجم عثمان ابن عفان -رضي الله عنه- لامرأة ولدت بعد ستة أشهر من زواجها، فرماها زوجها بالزنى، ثم تبينت براءتها، فما صحة هذه القصة؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذه القصة بهذا السياق لم تثبت بطريق صحيح في الكتب المذكورة، ولا في غيرها، وبيان ذلك كالآتي:
(١) ففي تفسير ابن كثير (٦/٢٨١) ساقها الحافظ من رواية ابن أبي حاتم -بنحو المعنى الذي ذكره السائل- من طريق محمد بن إسحاق بن يسار، وهو مدلس كما في التقريب (صـ٥٤٦، برقم ٥٧٢٥) ولم يصرح بالتحديث، فيكون السند منقطعاً.
(٢) وفي تفسير الطبري (٢٥/١٠٢) رواها الإمام الطبري بإسناد ظاهره الصحة، وكذا نقله من طريقه الحافظ ابن كثير من موضع آخر من تفسيره (٦/٢٤١) إلا أنه لم يرد في هذا الأثر تنفيذ حد الرجم، وهو محل الإشكال لدى السائل -كما يظهر- وعليه فلا يستدل به على هذه القصة المذكورة أعلاه.
(٣) وفي مصنف عبد الرزاق (٧/٣٤٩-٣٥٢ برقم ١٣٤٤٣-١٣٤٤٩) جاءت الآثار على نحوين:
الأول: أن المرأة قد درئ عنها الحد بفتوى علي -رضي الله عنه- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما في المصنف (٧/٣٥٠-٣٥٢ برقم ١٣٤٤٤-١٣٤٤٨٥) وبفتوى ابن عباس -رضي الله عنهما- لعثمان -رضي الله عنه- كما في المصنف (٧/٣٥١ برقم ١٣٤٤٧) وستأتي الإشارة إليهما.
الثاني: إيراد الأثر بدون إثبات إيقاع الحد كما في المصنف (٧/٣٤٩-٣٥١-٣٥٢ برقم ١٣٤٤٣-١٣٤٤٦-١٣٤٤٩) وعليه فتحمل هذه الآثار المجملة على تلك الآثار المبين فيها درء الحد، مع ما في بعض تلك الآثار التي أوردها المصنف عبد الرزاق من ضعف.
(٤) وفي الموطأ مع شرح الزرقاني (٤/١٧٩) رواها الإمام مالك بلاغاً عن عثمان -رضي الله عنه-، وهذه الرواية بلا إسناد، فلا تصح، وفي آخر هذا الأثر المذكور في الموطأ "فبعث عثمان بن عفان في أثرها، فوجدها قد رجمت" وعليه فتكون هذه الزيادة ضعيفة.
وقد روى ابن عبد البر في الاستذكار (٢٤/٧٣-٧٤) هذا الأثر موصولاً، ولكن بدون هذه الزيادة، ثم رواها بإسناد آخر عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال:"رفعت إلى عثمان -رضي الله عنه- امرأة ولدت لستة أشهر، فقال: إنها رُفعت إلي امرأة لا أراها إلا جاءت بشر، ولدت لستة أشهر، فقال له ابن عباس -رضي الله عنهما-: إذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر، قال: وتلا ابن عباس "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" فإذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر" ثم قال ابن عبد البر:" وهذا الإسناد لا مدفع فيه من رواية أهل المدينة"أ. هـ. وهذا الأثر كما ترى بغير تلك الزيادة.
وبناء على ما تقدم فيكون أصل الرواية صحيحاً من دون الزيادة المذكورة وهي (وقوع الحد على تلك المرأة) ويشهد لهذا سوى ما تقدم ما يلي:
أولاً: أن القصة جاءت بدون إيقاع الحد من طريق آخر صحيح، من رواية ابن وهب، كما قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (٣/٢١٩) .