للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مشي النساء خلف الجنازة]

المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى

أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٦/١/١٤٢٤هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

ما حكم سير النساء خلف الجنازة؟ وهل الحديث الذي ذكر فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال إن المرأة التي تتبع الجنازة لا تشم رائحة الجنة" صحيح؟ وهل تجب كفارة أو توبة على المرأة التي سارت خلف الجنازة؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالجواب عن السؤال الأول وهو حكم سير النساء خلف الجنازة أنه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من كرهه مستدلين بما جاء في الصحيحين البخاري (٥٣٤١) ، ومسلم

(٩٣٨) ، عن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، وفيه "ونهانا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا" قالوا: فقوله -صلى الله عليه وسلم- "ولم يعزم علينا" يدل على أن النهي للتنزيه لا للتحريم، ومن العلماء من حرم ذلك وهو الراجح في نظري مستدلين بما رواه ابن ماجة (١٥٧٨) ، والبيهقي (٤/٧٧) ، عن علي -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا نسوة جلوس، فقال: ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة ... الحديث: وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-:"فارجعن مأزورات غير مأجورات" قال بعض أهل العلم: فهذا الحديث دليل على أن نهي النساء عن اتباع الجنائز في حديث أم عطية (المتقدم) نهي تحريم لا نهي تنزيه، هذا وقد رأى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- نساء في جنازة فطردهن وحصبهن بالحجارة، وقال ابن القيم -رحمه الله-:"اتباع الجنازة للنساء وزر، لا أجر لهن فيه؛ إذ لا مصلحة لهن ولا للميت في اتباعهن لها بل فيه مفسدة للحي والميت" انتهى.

أما الجواب عن السؤال الثاني وهو حديث المرأة التي تتبع الجنازة أنها "لا تشم رائحة الجنة" فلم أقف عليه بهذا اللفظ وإنما روى أبو داود (٣١٢٣) ، وغيره في باب التعزية حديثاً آخر وهو طويل وفيه "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم لما فرغ هو وبعض أصحابه من دفن جنازة وحاذى بابه، فإذا امرأة مقبلة، فإذا هي فاطمة -عليها السلام- فقال ما أخرجك فقالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت فعزيتهم بميتهم فقال -صلى الله عليه وسلم- فلعلك بلغت معهم الكدى (يعني المقابر) قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر قال: لو بلغت معهم الكدى فذكر تشديداً في ذلك، وقد جاء في غير رواية أبي داود لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك. قال أبو داود عن الحديث قال المنذري: أخرجه النسائي (١٨٨٠) ، وفيه مقال: انتهى، قلت: وضعفه الألباني والحديث رواه أيضاً أحمد (٦٥٧٤) في مسنده وابن حبان في صحيحه (٣١٧٧) والحاكم في المستدرك (١/٣٧٤) .

أما الجواب عن السؤال الثالث فالجواب عنه أنه لا كفارة لمن فعلت ذلك لا سيما مع الجهل وعليها أن تتوب عما فعلت وتندم على ما وقع منها وتعزم على ألا تعود، -والله أعلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>