من المعروف أن الربا محرم شرعًا، ولكن قرأت في أحد الكتب فتوى منسوبة لأبي حنيفة ومحمد بن الحسن، تجيز للمسلم الذي يعيش في دار الحرب أن يتعامل بالمعاملات التي يتعامل بها أهل هذه الدار. فهل يجوز لنا شرعًا الأخذ بهذه الفتوى؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى جواز التعامل بالربا للمسلم المقيم في بلاد الغرب، ويستند هؤلاء في هذا القول على ما ورد عن أبي حنيفة -رحمه الله- من إباحة أخذ المسلم الربا من الحربي.
وكما يقول بعض أصحاب هذا القول:((فإن هؤلاء الذين تترك لهم الفائدة - يعني المصارف الأجنبية في البلدان غير المسلمة - قد يكونون في نظر الشرع حربيين، لمواقفهم المضادة للإسلام والمسلمين)) (١) .
لكن هذه الفتوى منقوضة من أوجه:
أحدها: أن ما روي عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- لا ينطبق على حال المسلم المقيم في بلاد الغرب؛ لأن الإباحة المروية عنه وعن غيره، إنما هي في التعامل بين المسلم والحربي في دار الحرب، وإذا كان المسلم مقيمًا في بلاد الغرب فإنه تربطه بهم عهود ومواثيق، فهم معاهدون بالنسبة له وليسوا حربيين.
الثاني: الخلل في الاستدلال يكون جليًّا إذا كان المستدل يستدل بفتوى أبي حنيفة في جواز شراء البيوت بالربا في بلاد الغرب؛ لأن المروي عن أبي حنيفة إنما هو جواز أخذ المسلم للربا من الحربي، وفي شراء البيوت يكون المسلم دافعًا للربا لا آخذًا له، وهذا عكس فتوى أبي حنيفة.