للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يشترط إقامة الحد لقبول التوبة؟]

المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم

رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة

التاريخ ٠٢/٠٢/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

لدي سؤال بخصوص الكبائر، شخص قام بعمل كبيرة وحدها (القتل) ، وبعد ذلك تاب عنها، فهل يشترط إقامة الحد عليه لتقبل توبته وليتوب الله عليه؛ كما فعل الصحابي -رضي الله عنه- الذي زنى وطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم- أن يقيم عليه الحد، وما علاقة ذلك بقبول توبته؟.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

فإن الخطأ والزلل معرض له كل أحد كما قال عليه الصلاة والسلام: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" أخرجه الترمذي (٢٤٩٩) ، وابن ماجه (٤٢٥١) . ومن رحمته سبحانه بعباده أنه يقبل التوبة من التائبين إذا تابوا التوبة النصوح الجامعة للشروط، وحقيقة التوبة كما قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين هي: الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في المستقبل.

كما أن من رحمته أن شرع سبحانه إقامة الحدود كحد الزنا والقذف وشرب المسكر، ونحو ذلك، وقصد بها تطهير عباده وردعهم عن اقتراف هذه الآثام.

أما إذا تاب العبد من المعصية ولو كانت كبيرة قبل القدرة عليه، فإن توبته صحيحة ولا يلزم إقامة الحد عليه، والدليل أن الصحابي - رضي الله عنه- الذي ذكره السائل وهو ماعز - رضي الله عنه- لما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طالباً إقامة الحد صرف وجهه عليه السلام عنه عدة مرات، ثم لما أصر وأقيم عليه الحد وهرب من شدة الرجم، قال عليه السلام: "هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ... ". الحديث أخرجه أبو داود (٤٤١٩) .

فإذا ستر الله العبد وهو على معصية فلا ينبغي له أن يفضح نفسه وقد تاب. كما أنه ينبغي لمن وقع في شيء من المعاصي الصغيرة أو الكبيرة المسارعة في التوبة قبل نزول الموت والإكثار من الطاعات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، والتوبة تهدم ما كان قبلها. وفق الله الجميع لمرضاته، والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>