للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل في كرهي للتعدد إساءة للشرع؟!]

المجيب نزار بن صالح الشعيبي

القاضي بمحكمة الشقيق

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز

التاريخ ٢٧/٠٢/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أنا زوجة ثانية منذ أكثر من سنتين وقد اخترت ذلك رغبة مني؛ لأني أرى أنه لا يحق لي رفض زوج صالح لأنه متزوج، حيث إن التعدّد جائز في شرع الله، ولا يحق لي الاعتراض، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بغيرة قاتلة لأسباب أرى أنه من حقي هذا الشعور، وأصبحت أعيش في عذاب، وأدعو الله أن يفرّج همي، وبدأت أشعر بأن التعدّد لا يفرض على المرأة، وأن النساء يختلفن في تحمله. فهل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟ وهل من دعاء يخفف من غيرتي؟ وهل أستطيع تخيير الزوج إما أنا أو زوجته الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أختي السائلة: قد تضمن سؤالك طلب الجواب عن ثلاثة أمور:

الأمر الأول: قولك هل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟.

وسوف أجيب على هذا السؤال من خلال النقطتين التاليتين:

أولاً: لا شك أن التعدد مباح ومشروع للرجال بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: ٣] ، ومن المعلوم أن إباحته للرجال مشروط بالعدل بينهن بنص الآية، وعلى المسلم والمسلمة أن يسلّم بهذه المقدمة، ولا ينازع فيها، قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: ٣٦] .

ثانياً: لا يفهم مما تقدم أن على المرأة أن تزيل ما في قلبها من شعور بالغيرة تجاه زوجها، إذا حصل ما يوجب ذلك؛ لأن هذه فطرة وغريزة قد لا تملك المرأة السيطرة عليها، ولا يفهم أيضاً أن على المرأة أن ترضى بالتعدد على نفسها، فلا تُلام على شعورها بذلك ما دامت لم تتجاوز حدودها التي رسمها لها الشارع، بحيث لا يحملها فرط غيرتها على ارتكاب ما يحرم عليها من سب وشتم للآخرين أو أذية للزوج.

ولقد كانت الغيرة تندلع في قلوب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: "مالك يا عائشة؟ أغرت؟ " فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقد جاءك شيطانك"؟ الحديث أخرجه مسلم (٢٨١٥) .

وعن عائشة - رضي الله عنها- أيضاً قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله -عز وجل- "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت" [الأحزاب: ٥١] ، قالت: ... والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك. أخرجه البخاري (٤٧٨٨) ومسلم (١٤٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>