أنا طالب جامعي أعيش في بيت بعيد عن الله -سبحانه وتعالى- أبي يعمل موظفًا في إحدى الهيئات الحكومية، وأمي تعمل معه في نفس الهيئة، وأبي يعمل عملاً إضافيًّا وهو مصفف لشعر النساء (كوافير) ، وأنا أعلم أن هذا العمل ماله حرام، ولكنى حاولت نصحه فلم يسمع لي، فهل آخذ من مال أبي أم هو حرام؟
كما أن أبي يأخذ الراتب الشهري لأمي بالإجبار، ولا نستطيع أن نقول له أن يفصل بين ماله ومالها، فتضطر أمي لأن تأخذ منه أموالاً دون علمه، وهي تعتبر أن هذا من مالها، فهل ما تقوم به أمي صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فليس كل مال أبيك حراماً، بل ما يتقاضاه من عمله الإضافي، وعلى هذا فأخذك من مال أبيك ليس بالضرورة أن يكون من جزئه الحرام، وفي الجملة ما يتقاضاه والدك من مال حرام هو له حرام وأما لك فهو حلال؛ لأن نفقتك واجبة عليه، وقد كان يهود المدينة لا يتورعون عن الحرام من ربا ومن غيره، كما قال تعالى:"سماعون للكذب أكالون للسحت"[المائدة:٤٢] . وقال أيضاً:"من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً"[النساء:١٦٠-١٦١] . ومع ذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعاملهم ويقبل دعوتهم ويأكل من طعامهم، وقد دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة، كما في مسند أحمد [١٣٣٥٧،١٢٣٩٦،١٢٧٢٤) من حديث أنس -رضي الله عنه-، فقبل دعوة اليهودي، [وانظر البخاري (٢٠٩٢) ، ومسلم (٢٠٤١) ] . من حديث أنس.
فإذا كان المال لكم حلالاً فلن تكونوا آثمين بالأكل منه، ومن يجد الكافية من أولاده فعليه أن يستغني بذلك عن نفقة والديه ما داما كذلك، سواء في ذلك مال الوالد أو الوالدة.
وإذا أراد والدكم التوبة فله رأس ماله الذي اكتسبه من مال حلال، وما زاد عن ذلك فعليه الصدقة به.
وواجب عليكم المناصحة للوالد والوالدة فإن لقلب المسلم إقبالاً وإدباراً، فقد توافق نصيحتكم إقبال قلبه فيعود إلى الله فيلتزم الاستقامة والورع.
أما أخذ أبيك من مال أمك فلا يجوز شرعاً فلها مالها، ولها الحق في أن تأخذ هذا المال الذي أخذه زوجها بالقوة، فتأخذ من ماله بقدر هذا المال بطريقتها الخاصة، وإن لم يشعر الأب بذلك. والله أعلم.