[التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم]
المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ ٢٧/٠٤/١٤٢٥هـ
السؤال
هل ورد حقاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"، وما معنى ذلك؟ أي هل المقصود ألا نسمي أحداً أبا القاسم أم ماذا؟ جزاك الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"، كما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (١/٥٢) ، ومن حديث جابر رضي الله عنه (٣/١٣٠١) .
وكذا أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه (٣/١٦٨٢ح ٢١٣١) وفيه قصة. قال أنس: نادى رجل رجلاً بالبقيع يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لم أعنك إنما دعوت فلاناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي".
وأخرجه أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه (٣/١٦٨٢ح ٢١٣٣) ، وذكر فيه قصة أخرى، قال جابر رضي الله عنه (ولد لرجل منا غلام فسماه محمداً فقال له قومه لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بابنه حامله على ظهره فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام فسميته محمداً فقال لي قومي لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم أقسم بينكم".
حكم التكنية بأبي القاسم:
اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: المنع مطلقاً، سواء كان اسمه محمداً أم لا. ثبت ذلك عن الشافعي، وهو مذهب الظاهرية، ويستدل له بظاهر الأحاديث المتقدمة.
المذهب الثاني: الجواز مطلقاً، ويختص النهي بحياته صلى الله عليه وسلم.
أدلته:
(١) رواية مسلم عن أنس ففيها الإشارة إلى سبب المنع، والقاضي بزوال الحكم عند زوال السبب.
(٢) واحتجوا أيضاً بما أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٨٤٣) وأبو داود (٤٩٦٧) والترمذي (٢٨٤٣) ، وصححه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنْ ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم) . فهذه رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال عنها ابن حجر: (وسندها قوي) .
(٣) وورد ما يدل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعض الصحابة-رضي الله عنهم- سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد الله-رضي الله عنه-، وكذا يقال لكنية كل من المحمَدِين ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وأن آباءهم كنوهم بذلك.
قال القاضي عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار.
المذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد ويجوز لغيره، وهذا ارتضاه الرافعي، ووهاه النووي.
وقد ورد ما يؤيد هذا المذهب، وذلك فيما أخرجه أحمد (٨١٠٩) وأبو داود (٤٩٦) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "من تسمى باسمي فلا يكتنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي".
وأقرب الأقوال، وأوجههما الثاني والثالث، لأنها تتضمن صوارف معتبرة عن التحريم المطلق، والقول الأول: أبرأ للذمة وأعظم للحرمة. والله أعلم.