عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ ١٦/٠٢/١٤٢٦هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرغب في السؤال عن حكم القول بالجواز أو التحريم في مسألة بالاستدلال بشيء سيقع في المستقبل، كما هو في مسألة جواز أن تسافر المرأة دون محرم استناداً لإخبار النبي- صلى الله عليه وسلم- لعدي-رضي الله عنه- أن الظعينة ستخرج بمفردها لا تخاف على نفسها ... إلخ....وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا الذي تذكرينه استدل به بعض أهل العلم على أن النهي عن سفر المرأة بغير محرم مخصص بالطريق المخوف، فإذا كان آمناً تأمن فيه المرأة على نفسها وعرضها أن يغتصبها مغتصب أو يغصب مالها ونحو ذلك فإنه يجوز لها أن تخرج بلا محرم، لكن مع نساء ثقات واستدلوا بهذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر عدي بن حاتم - رضي الله عنه-: "يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ ". قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال:"فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله" يقول عدي: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعَّار طيء، ... فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله. أخرجه البخاري (٣٥٩٥) ، فكون هذا يقع ولا يظهر إنكاره من علماء المسلمين وعامتهم دليلٌ على أن النهي منوط بالخوف على نفس المرأة وعرضها، ومالها أن يعتدى عليه معتدٍ، ولو كان فعلها هذا حراماً لما ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديثه إخباراً عن تمام النعمة بظهور منارات الإسلام واستتباب الأمن، فإن المنكر لا يناسب أن يُساق في هذا الباب، فالذين استدلوا بهذا الحديث لم يستدلوا به؛ لأنه إخبار مجرد، بل كان استدلالهم بما يُشعر به هذا الخبر من جواز هذا الذي سيقع؛ لأنه مسوق في سياق الإخبار عن تمام النعمة باستتباب الأمن وظهور منارات الإسلام في أراضيه الواسعة، وقد أجاب عن الاستدلال بهذا الحديث القائلون بعموم النهي عن سفر المرأة بدون محرم بأن هذا إخبار لا بيان حكم، ويجاب عن هذا بأنه وإن كان خبراً لكنه يحمل معنى جواز ما سيقع؛ لأنه في سياق التذكير بنعمة الله بشيوع الأمن بعد الخوف وظهور راية الإسلام في الأرض المتباعدة. والله أعلم.