والدي يحقرني ولا يرى فيَّ إلا العيوب
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ ١٣/١٠/١٤٢٤هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لولا محبتكم لما راسلتكم، كان لي أخ يصغرني بسنة، وكان مضرب المثل في الخلق ومحبة الناس له والاحترام، وكنت من أقرب الناس له (أسراره - مساعدته -تفكيره-..الخ) والكل يقول أنتم مثل بعض، وكان أبي يرى فيه كل حسن، وكان لا يرى فيَّ غير العيوب، ويهملني ويعنفني أمام الناس ويظهرني بمظهر الغبي في كل تصرف، (أبي غير ملتزم وقالوا له: ولدك هذا يصلي الفجر وأخذ يستهزأ بي) ..قس على ذلك، أخي توفي قبل أربع سنوات، وحزن الجميع وعلى رأس القائمة أبي، أما أنا أكلتها (أقولها بحرقة) ! ولازلت أعاني من ذكريات أخي حتى الآن -رحمه الله-، المشكلة أن أبي يريدني (سوبر مان) . فهو دائم التركيز علي, في كلامي، في نظراتي, في مشيتي, دائم الملاحظة لي بشكل غير طبيعي، حتى في زرار رقبة ثوبي ويقول: (أنت هذا عمرك ما تعرف تزر أزرارك) إذا بداله أمر مهم فإنه لا يعتمد علي؛ لأنني غير جدير بالثقة حسب رأيه،
ولا يعرف كيف يبدأ معي حوار بعكس إخوتي الصغار فالوضع عادي معهم، لا تقل لي ابدأ أنت؛ لأنني لا أتجرأ أصلاً، يستعمل قاعدة: (أنت مذنب حتى تثبت براءتك)
لقد تعبت من هذه الأوضاع كلها، وفضلت عدم الاحتكاك مع أبي كثيراً (مع العلم أنني أدرس بالرياض وهو خارجها) . ماذا أفعل لكي أخفف من هذه الأوضاع الشائكة؟.
الجواب
كم أتمنى أن يردني هذا السؤال من الأب نفسه؛ لأن المشكلة منه هو، والمشكلة التي عرضتها يتعرَّض لها عدد من الشباب، ولا يوجد تبرير منطقي لكثير من الآباء لتصرفهم ذلك، وهم في واقع الأمر يمارسون ما يعرف بـ (الحب المشروط) ، أي عدم تقبل الأب لابنه كما هو، وقد يكون حدث موقف، قد لا يتذكره الابن أو لا يعرفه، تسبب في إيقاد شرارة هذه النظرة.
أجد في عمرك ما يشجعني على تقديم بعض النصائح التي ستجد إن شاء الله أثرها في تقدير والدك لك:
(١) ثمة أشياء تحظى بتقدير واهتمام بالِغَين، من لدن والدك، احرص على أن تتقنها.
(٢) اجعل من مشروعاتك القادمة أن تطور نفسك، ليس من أجل والدك، بل من أجلك أنت، وستجد والدك، فيما بعد، مشدوهاً من المستوى الذي وصلت إليه، ويأتي في مقدمة وسائل تطوير الذات التعرف على (أسس النجاح) و (الإلقاء الجيد) الذي يمنحك مهارات في التحدث قد لا تتوقع أثرها الآن.
(٣) ألمس في استشارتك نوعاً من (ضعف الثقة) في نفسك، وقد لا تلام على ذلك في ظل الظروف التي مرَّت بك، لكن هذا لا يعني الاستسلام، بل يستدعي تقوية الثقة والشجاعة، وأن تعرف أن لديك إمكانات وقدرات تؤهلك لفعل أشياء مذهلة، وتذكر أن الناس (ومنهم والدك) يثقون في الشخص بقدر ثقته في نفسه.
(٤) قد يسيطر على بعض الشباب نوع من الإحباط واليأس، فتذكر أن اليأس لا يصنع شيئاً، ومشكلة المحبط أنه يضخم المشكلة ولا يغتنم الفرصة، ولذلك أقترح أن تجعل من نفسك في حال تحد مع والدك، بأن تقنعه بأن تصوراته عنك غير دقيقة.
(٥) أرجو أن يكون في ابتعادك عن والدك سبب في وضوح نموك وتطورك، فإن بعض الناس يستمر في نظرته لابنه أنه ما يزال طفلاً، بحكم المعايشة وعدم ملاحظة فرق النمو، ولكن إذا وجدت فترة غياب فغالباً تكون لصالح وضوح النمو والتغير.
(٦) ومع ما تقدم هناك احتمال يغلب على من يشكو من ضعف الثقة، وهو زيادة الحساسية، وبالتالي فليس بالضرورة كل انتقاد أو توجيه هو لون من الازدراء والانتقاص، بل ربما كان في محله، أقول هذا مع قناعتي بصحة توصيفك لحالتك مع والدك على سبيل الاحتياط والاحتمال.
وفقك الله لفعل الخير، ورزقك البر بوالديك، وجعلك قرة عين لهما.