للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل من حقي هجران أختي؟!]

المجيب سعد بن عبد الله الماجد

عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب

التاريخ ١١/٢/١٤٢٧هـ

السؤال

حصلت بيني وبين أختي مشكلة بسبب تقدم الخطَّاب لي، علماً أنها غير متزوجة، وأزعجها هذا الأمر كثيراً؛ فهي لا تريدني أن أتزوج قبلها، وأنا لست صغيرة في العمر، لقد آذتني كثيراً، وفضحتني أمام أقاربي، وخلقت لنا مشكلات كثيرة، وجرحتني بتصرفاتها وكلامها السيئ، وقد سبَّب لي هذا الأمر أزمة نفسية كبيرة.

مشكلتي أنني غير قادرة على مسامحتها أو على الكلام معها، فهي لم تندم على ما فعلت كما أشعر، وأخاف أن يعاقبني الله على قطيعتي للرحم. أرشدوني ماذا أفعل.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأختكِ تعاني من العنوسة، وتأخرها عن الزواج، فوقع منها شيء من الحسد والبغض لكِ، وقد تكونين سبباَ في ذلك؛ حيث تجاهلتِ مشاعرها ونسيتها في غمرة الفرح. لذا عليكِ بمسامحتها، وأعلنيها صريحة لها؛ وفي هذه الحالة لن تملك نفسها من الندم والبكاء، وتواضعي لها، فإنه سوف تطلب منكِ مسامحتها.

اذكري لها حبكِ لها، وحزنكِ على مفارقتها، وأن باب الأمل مفتوح، وأنها ستتزوج بأفضل من زوجكِ، بزوج يملأ عليها الدنيا حباً وحناناً.

أختي الكريمة: الدنيا أهون وأحقر من أن تجعلنا نحمل في قلوبنا غلاً وبغضاً لمن نحبه من إخواننا وأخواتنا! وإياكِ وقطيعة الرحم؛ فقد جاء التحذير منها:

١-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [سورة محمد:٢٢-٢٣]

وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب.. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم ... ) [رواه البخاري: ٤٤٥٥] .

عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) [رواه مسلم: ٤٦٣٤] .

٢- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم) [رواه مسلم: ٤٦٣٦] .

٣-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) [رواه أبو داود:٤٢٦٩] .

٤- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا) [مسلم: ٤٩٥٦] .

وعن ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [رواه البخاري:٥٦١١] .

وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) [رواه البخاري:٥٦١٣] والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع. وفقكِ الله لكل خير، ولا حرمكِ الأجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>