للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترك العمل للتفرغ لطلب العلم!]

المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم

التاريخ ٢٥/٠٤/١٤٢٧هـ

السؤال

هل أترك عملي قصد التفرغ لطلب العلم وحفظ القرآن لإدراك ما فاتني، وأعبد الله على علم، وحتى أجنب نفسي البدع وأزكيها وأضع أساساً لحياتي ثم أعود للعمل من جديد، وهل أهجر بلادي لكثرة الفساد؟ مع عدم موافقة الوالدة فهي تبارك ذلك، لكن تقول بأنها لا تستطيع مفارقتي! أما أنا فمستعد لأن أتخلى عن الجميع مقابل ما يرضي الله أفتونا جزاكم الله خيراً؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإليك بعض الوقفات والتأملات التي أرجو أن يكون من شأنها تأصيل ما وقعت فيه شرعاً، وإرشادك في حيرتك لتخرج من الموقف راضياً مرضياً عنك من رب العالمين.

١- من ناحية تركك لعملك من أجل طلب العلم: من المهم أن تعرف الواجبات المناطة بك شرعاً "حق لربك، وحق لوالديك وأهلك، وحق لنفسك، فأعط كل ذي حق حقه" وقيامك بعملك لا ينافي أبداً طلبك للعلم. إذا سمت همتك، وحفظت وقتك.

ألم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقومون بأعمالهم ومصالحهم ومزارعهم ومع هذا يعكفون ركبهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل لهم اتركوا أعمالكم.

بل أكثر من هذا وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه للعمل كما فعل مع الذي أمره بالاحتطاب والبيع.

٢- الهجرة في الأصل: هي الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، والمسألة المعروفة هل هناك هجرة بعد الفتح أو لا؟ والصحيح بقاؤها.

٣- يقول -صلى الله عليه وسلم- "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم". أخرجه أحمد (٤٧٨٠) ، والترمذي (٢٥٠٧) ، وابن ماجه (٤٠٣٢) .

٤- الرسول -صلى الله عليه وسلم- منع رجلاً من الجهاد الواجب عندما قال له: "أحيٌ والدك؟ ". قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد". أخرجه البخاري (٣٠٠٤) ، ومسلم (٢٥٤٩) .

٥- لا تنس -يا أخي- أن أولادك أمانة في عنقك كيف تتخلى عنهم وتتركهم مع أنك ستسأل عنهم يوم القيامة.

٦- ألا يمكن -يا أخي- أن تجد لك رفقه طيبة من الصالحين تتشبث بهم وتتعاون معهم على البر والتقوى لتواجهوا الفتن وغربة الزمان، فمهما غفل الناس ففيهم بقية من الصالحين في كل مكان.

٧- اعلم يا أخي أننا في زمان الغربة وتسلط الأعداء لتغريب المسلمين يقول -صلى الله عليه وسلم- "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً فطوبى للغرباء". أخرجه مسلم (١٤٥) . وزاد أحمد (١٦٠٩٤) وغيره: قيل: ومن الغرباء؟ قال: " الذين يصلحون إذا فسد الناس ".

ويقول -صلى الله عليه وسلم- "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". أخرجه مسلم (١٥٦) .

٨- لا تظن أن فساد الزمان أو أهله عذر لك للتخلي والغفلة، يقول -صلى الله عليه وسلم- "إذا قال الرجل: هلك الناس. فهو أهلكهم" أخرجه مسلم (٢٦٢٣) ، وأبو داود (٤٩٨٣) .

قال النووي في الحديث "فهو أهلكهم" "اتفق العلماء أن هذا الذم فيمن قاله على سبيل الازدراء بالناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم".

ويقول -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (١٥٣) : "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار".

والله المسؤول أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>