قد يكون السؤال غريباً ولكنه طالما حيرني كثيراً، ألا وهو: إذا كان الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، والملائكة يعبدون الله من قبلنا، إذاً فما الداعي لخلقنا إذا كان هناك من يقوم بهذا العمل بدلاً منا؟ ولكم خالص الشكر والتحيات.
الجواب
الحمد لله، لقد سأل الملائكة ربهم هذا السؤال فرد الله عليهم بقوله:"إني أعلم ما لا تعلمون" كما جاء في سورة البقرة "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ"[البقرة:٣٠] ، ومعنى هذا أن لله حكماً في خلق آدم وذريته مهما يحصل منهم من سفك للدماء وإفساد في الأرض، فيجب التسليم لحكم الله والإيمان بحكمته البالغة، كما يجب على الإنسان أن يقف عند حده ويعرف قدر نفسه، فلا يحكم على الله ولا يعترض عليه بعقله القاصر، بل يسلم الأمر لله راضياً عن تدبيره مؤمناً بأنه سبحانه أعلم وأحكم، ويجب أن يكون السؤال بغير هذه الصيغة وهي قولك: ما الداعي، فإن هذا يشعر بالاعتراض، بل ينبغي أن يكون السؤال بنحو: ما الحكمة، وعلى وجه الاسترشاد وطلب العلم، فإن ظهر شيء من حكمة الله في خلق الشيء فذلك مما يفتح الله به على من شاء من عباده، ولا يجوز أن يتوقف الإيمان بحكمة الله في تقديره وتدبيره على معرفتها، بل نؤمن بأن لله حكماً في أقداره وإن لم نعلمها، وإن علمنا منها شيئاً فإننا لا نحيط بحكمه علماً قال سبحانه وتعالى:"ولا يحيطون بشيء من علمه"[البقرة: ٢٥٥] وقد اعترف الملائكة لربهم بقصور علمهم فقالوا: "لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم"[البقرة: ٣٢] والله أعلم.