[مناصحة النساء في الأسواق]
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
التاريخ ١٨/٢/١٤٢٣
السؤال
لدي محل تجاري وتواجهني مشكلة في التعامل مع النساء، هل يجب علي أن أنكر على كل امرأة تدخل محلي إذا كانت كاشفة الوجه، أو متنقبة، أو لابسة عباءة ملفتة للنظر؟ مع العلم أن مثل هذا الأمر يحرجني كثيراً في التعامل مع النساء لا سيما في وجود خلاف في قضية الحجاب.
الجواب
أولاً: -جزاك الله خيراً- على غيرتك على أعراض المسلمين، وحرصك على إبراء ذمتك من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسددك الله، وزادك حرصاً وتقى، وثبتنا وإياك على دينه القويم.
ثانياً: أما النقاب إذا لم يكن واسعاً فلا ينبغي إنكاره؛ لأنه قد وردت به الرخصة، كما يدل لذلك حديث: "لا تنتقب المرأة المحرمة" أخرجه البخاري (١٨٣٨) ، ولو كان النقاب محرماً لما خص -عليه الصلاة والسلام- المحرمة بالنهي عنه.
ثالثاً: وأما العباءة الضيقة التي تصف مفاتن المرأة كالعباءة المخصرة، فلم يقل أحد من أهل العلم بجواز لبسها حتى يصح لقائل أن يحتج بمقولة: (لا إنكار في مسائل الخلاف) ؛ لأن من الشروط المتفق عليها بين العلماء أن يكون الحجاب واسعاً لا يصف المفاتن.
وإذا تقرر أن مثل هذه العباءات مما اتفق أهل العلم على تحريمه، وجب الإنكار على من لبسته.
وكذلك الشأن في كل حجاب يكون زينة في نفسه، يجب الإنكار على من لبسته، ولا يسوغ أن يعتذر على الإنكار في هذه الأمثلة بقاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف) ؛ لأن أهل العلم متفقون على اشتراط ألا يكون الحجاب زينة في نفسه، والمقاصد التي راعاها الشرع في فرض الحجاب تدل عليه دلالة ظاهرة، وإن خالف في هذا مخالف عد خلافه شذوذاً لا يتابع عليه ولا يعتد به.
رابعاً: مسألة كشف الوجه الخلاف فيها مشهور، ليس هذا مقام بسطه، ولا النظر في أدلته.
ولكن مخالفة النساء اليوم لم تقتصر على كشف الوجه فحسب، فغالب من تتساهل في كشف وجهها لا يخلو حالها من إبداء الزينة إما في الوجه أو غيره، أو بكشف الشعر، أو العنق ... إلخ وخلاف العلماء إنما هو في الوجه والكفين.
فإذا كان الواقع هو هذا، لم يكن بد من الإنكار عليهن، فليس في مثل هذا خلاف، ولا هو من موارد الاجتهاد.
خامساً: طريقة الإنكار على تلك المتبرجات تقع حسب الوسع، وتُمْليها وتصرفها الجدوى من الإنكار، فإذا كان الإنكار عليهن علانية باللسان لا يجدي شيئاً، وإنما يجلب لك شيئاً من أذيتهن وسلاطة ألسنتهن ونحو ذلك، فجرب طريقة أخرى تؤدي المقصود، وتقيم الحجة، وتبرئ الذمة، وتعتذر بها إلى الله، كإهداء شريط، أو كتاب، أو نحو ذلك، مما يساق فيه الإنكار مساق موعظة تذكرها بالله، وتخوفها عقابه، وتحذرها مغبة المعصية وشؤمها.
إن عاطفة المرأة -أخي- هو خير ما يستجديه الناصح؛ لتقع موعظته موقعها من قلبها، ولذا فمن الحكمة أن يمزج خطاب الموعظة بكلمات الثناء التي لا يظهر فيها كذب ولا تكلف، ولن تعدم في قلبها بقية من إيمان، وخوف من الله -سبحانه-، وحب له ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- تثني بها عليها؛ لتستعطفها لموعظتك.