للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل تطلق المرأة بزناها؟!]

المجيب د. خالد بن علي المشيقح

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة

التاريخ ١٤/٠٩/١٤٢٦هـ

السؤال

إذا زنت الزوجة، فهل تحرم على زوجها، ويجب عليه طلاقها، وإذا كان له أولاد منها فماذا يفعل؟ وإذا ادعت التوبة، فهل له إبقاؤها على ذمته ومعاشرتها، وكيف يعرف أنها صادقة في توبتها، وإذا عاشرها بعد علمه بزناها فماذا عليه؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإذا زنت الزوجة فإنها لا تحرم على زوجها، ولا يجب عليه أن يطلقها؛ ويدل لهذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يبحث عن المرأة التي زنا بها ماعز، ولم يسأل عن زوجها ويأمره أن يفارقها، وكذلك أيضاً في قصة العسيف، لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج تلك المرأة التي زنت أن يفارقها، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". انظر صحيح البخاري (٦٦٣٣) ، وصحيح مسلم (١٦٩٨) . فنقول: لا تطلق ولا تحرم عليه.

وأما أولاده منها فهم ينسبون إليه شرعا، ً والزنا لا أثر له حكماً؛ لأن المحرم شرعاً كالمعدوم حساً، ويدل لهذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري (٢٠٥٣) ، ومسلم (١٤٥٧) . فالولد يكون للفراش، وأما الزاني فلا ينظر إلى دعواه.

وإذا ادعت التوبة للزوج فله أن يبقيها على ذمته، وأن يعاشرها وأن يحفظها؛ لأن الله -عز وجل- يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) [الزمر:٥٣] ويقول سبحانه وتعالى في آخر سورة الفرقان: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً) [الفرقان:٧١] ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أخرجه الترمذي (٣٥٣٧) ، وابن ماجة (٤٢٥٣) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل". أخرجه مسلم (٢٧٥٩) .

ويعرف أنها صادقة في توبتها بالقرائن وحالات المرأة وسلوكياتها بعد ادعاء التوبة، فإذا رأى أنها امرأة صالحة، وأنها رجعت إلى الله -عز وجل- وأنها تحافظ على صلاتها وصيامها وحجابها، وأنها تكثر من النوافل، وأنها قد ندمت وتأسفت على ما مضى منها، فهذا دليل على أنها تابت ولله الحمد والمنة.

وإذا عاشرها بعد العلم بزناها فلا شيء عليه؛ لأن الأصل الحل بين الزوجين؛ لقول الله عز وجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة:٢٢٣] لكن إذا كانت مصرة على فعل الفاحشة ولم تتب من ذلك فإنه لا يجوز لها أن يمسكها؛ لأن هذا من الدياثة، والله -عز وجل- يقول (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) [النور:٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>