أبُو الزوجِ الكافرُ هل هو مَحْرم؟!
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ١٤/٠٥/١٤٢٧هـ
السؤال
من المعروف في الشريعة الإسلامية أن أبا الزوج يعد من المحارم، ويمكن للمرأة أن تكشف أمامه شعرها وبعض جسدها، لكن يبقى السؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف شعرها أمام والد زوجها غير المسلم؟ أي أن الزوج مسلم، لكن أباه غير مسلم. فكيف يمكن للمرأة أن تتصرف في مثل هذا الموضع؟ ونحن نعلم أن معظم الغربيين غير المسلمين ليس لهم أخلاق، وطباعهم فاسدة في الكلام والحركات؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنبين هنا الأصل في الحكم المسؤول عنه، ثم نبين ما خرج عن الأصل.
فأما الأصل في المحرم ومنه والد الزوج، أنه تتعلق به جميع أحكام المحرمية، من تحريم نكاحه بالمرأة التي هو محرم لها وهي محرم له، ومن جواز نظره إليها مما يجوز نظر المحارم إليه، وهو على الصحيح من أقوال أهل العلم: ما يبدو من المرأة في العادة ويشق عليها تغطيته في البيت، كالوجه، والشعر، والنحر، والكفين، والساعدين، والقدمين، وأسفل الساقين.
ومن أحكام المحرمية أيضاً: جواز الخلوة، والسفر، بحيث يكفي فيما يشترط له المحرم.
هذا الأصل دلت عليه العمومات في ذلك، كقوله -تعالى- في سورة النور: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... " الآية [النور:٣١] . وكالأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرها، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة، إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ... " صحيح البخاري (١٨٦٢) ، وصحيح مسلم (١٣٤١) . وغيرها.
وهذه العمومات قد دخل في عمومها المحرم الكافر؛ لأن الأدلة لم تستثن الكافر، فإنه يطلق عليه أب وابن وأخ وعم ووالد ... إلخ.
وعلى هذا جرى الفقهاء، فلم يستثنوا الكافر من أحكام المحرمية، لا في النظر، ولا في غيره، إلا ما رُوي عن الإمام أحمد -رحمه الله- من استثناء سفر الكافر بمحرمه المسلمة، فجعله مَحْرماً في النظر دون السفر؛ لعدم أمانته عليها.
فهذا هو الأصل في هذا الحكم، وهو إباحة النظر من المحرم، ولو كان كافراً، ولكن قد يُخْرَجُ عن هذا الأصل، فيمنع النظر، أو تمنع الخلوة، وذلك عند خشية الفتنة -وهذا عام في جميع المحارم وإن كانوا مسلمين- ولذا حرم العلماء بالإجماع نظر الشهوة، إلا من الزوج لزوجته أو العكس، وقال ابن عبد البر -رحمه الله- ما معناه: "ولو كان الأب ينظر بشهوة حرم عليه النظر".
فنقول في مسألة أبي الزوج الكافر: إن الأصل هو الإباحة، لكن لو خشيت المرأة منه، فإما أن تحتجب منه إن أمكن، فإن الكشف للمحرم ليس بواجب، لا سيما إن كان الاحتجاب سيقتصر على الشعر أي مع كشف الوجه، وإما أن تجتنب ما قد تخشى منه كالخلوة أو نحو ذلك، والمرأة حين تتقي الله فلها مخارج كثيرة بحيث تتفادى الحرج مع والد زوجها؛ "ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً"، والله -تعالى- أعلم.