فمن شروط صحة الصلاة استقبال القبلة، ولا تصح الصلاة إلا به؛ لأن الله تعالى أمر به، وكرر الأمر به في القرآن الكريم، قال تعالى:"وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ"[البقرة:١٥٠] ، أي جهته، إلا أنه يستثنى من ذلك ثلاث مسائل:
الأولى: إذا كان المصلي عاجزاً، كمريض وجهه إلى غير القبلة، ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، فإن استقبال القبلة يسقط عنه في هذه الحال، لقوله تعالى:" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ"[التغابن:١٦] .
الثانية: إذا كان في شدة الخوف، كإنسان هارب من عدو، أو هارب من سبع، أو هارب من سيل يغرقه، فهنا يصلي حيث كان وجهه، ودليله قوله تعالى:"فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ"[البقرة:٢٣٩] . فإن قوله "فإن خفتم" يشمل أي خوف، فالواجب معلق بالاستطاعة.
الثالثة: النافلة في السفر، سواء كان على طائرة، أو على سيارة، أو على بعير، فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل، مثل الوتر، وصلاة الليل، والضحى، وما أشبه ذلك.
فيجب على المسلم أن يستقبل القبلة، لكن إذا اجتهد وتحرى، ثم تبين له الخطأ بعد الاجتهاد، فإنه لا إعادة عليه إن كان في غير البلد، أما في البلد فالصواب أنه يعيد الصلاة لسهولة معرفة القبلة.
وأما من علم أن جهة القبلة خطأ، وصلى على ذلك، فعليه الإعادة بكل حال. وفقنا الله وإياك للفقه في الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.