عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ١٢/٠٢/١٤٢٧هـ
السؤال
هل الشورى ملزمة أم معلمة لرؤساء الدول في الوقت الحاضر، مراعياً اختلاف الأوضاع في الوقت الحاضر مع زمن الخلفاء الراشدين في كثير من النواحي؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلئن قرر أكثر العلماء قديماً بأن الشورى معلمة غير ملزمة للإمام أو ولي الأمر المسؤول فإن بعضهم قرر أنها ملزمة غير معلمة، وأدلة كل قول لا يتسع المقام الآن لبسطها فهي موجودة في مظانها من كتب التفسير والسير، ولكل من القولين ما يبرره وإن تفاوتت الأدلة قوة وضعفاً. فإن ولي الأمر المعني بقوله تعالى:"وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ"[آل عمران: ١٥٩] كان ينزل عليه الوحي، وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو كان عالماً مجتهداً يقصد الحق حيثما كان كما في عهد الخلفاء الراشدين وبعض خلفاء بني أمية في العصر الأول؛ فإن من جاء بعدهم ضعف عنده الدين، وتغلبت عنده شهوة السلطة.
ثم صار الحكام في العصور المتأخرة يغلب عليهم الجهل بأحكام الشرع، فضلاً أن يكونوا مجتهدين فيه يعرفون الحكم بدليله من الكتاب والسنة، فكيف يقال في هؤلاء: إن الشورى في حقهم مع شعوبهم هي معلمة لا ملزمة؟
إن من يقول بمثل هذا اليوم لا يعرف من السياسة الشرعية في الإسلام شيئاً، وإنما يتعامل مع عصور ماضية ولا يتعايش مع الواقع، وأعتقد جازماً أن علماء السلف الذين سبق أن قالوا بأن الشورى معلمة غير ملزمة لو عاشوا في عصرنا، ورأوا ما نحن فيه من الاستبداد والظلم لغيروا رأيهم، وأوجبوا القول بالالتزام بها نظراً لتغير العلة والسبب، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، كيف وقد قرروا أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والنيات والمقاصد.
ولهذا أرى أن الخلاف في الشورى هل هي معلمة أو ملزمة قد ارتفع في وقتنا الحاضر، وينبغي ألا ينظر إليه فإنه إضاعة للوقت والجهد، فالشورى اليوم ملزمة ملزمة ملزمة. والله أعلم.