للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معاقة تخشى من الزواج]

المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس

مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته

التاريخ ٢٣/١/١٤٢٥هـ

السؤال

هل يجوز للمرأة المسلمة أن تمتنع عن الزواج؟ حيث إنها معاقة، وتخشى الحياة مع أي رجل؛ خوفاً من سوء العاقبة، وأنها ترى سوء العاقبة لكثير من الشابات بعد زواجٍ بدأ أسعد ما يكون، وهى تخشى هذه العاقبة، وتريد أن تفرغ حياتها في طاعة الله، وطاعة والديها، وأخواتها، وإخوانها، وحفظ كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فما رأي الدين في هذا؟.

الجواب

اسمحي لي أختي الكريمة أن (أتفلسف) قليلاً، وأقول إن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسم، وإنما هي في القلب، حينما تخشاه ظلمات الإحباط، واليأس، وكره الدنيا، والناس.

نعم، قد ترين إنساناً صحيح الجسم مكتمل البنية، بادي الصحة، ولكن نفسه مأسورة، فتضيق عليه الدنيا برحابتها، وسعتها، حتى تصبح مثل سم الخياط، فلا يزال يذبل ويذبل، ويذبل حتى لا يطيق انتظار الموت، يجيء إليه ويعاجل ربه بنفسه وينتحر!!.

وفي المقابل تجدين من ابتلاه الله بإعاقة يدفعه شعوره بالتحري إلى المقاومة وإثبات الذات، حتى ينال ما قد لا يناله الإنسان الصحيح، ولا أزال أذكر صورة رجل قابلته قبل سنين؛ دخلت المجلس، وأول ما لفت انتباهي من الحضور جميعاً هو!! فإعاقته كانت شديدة ظاهرة للعيان، فامتلأ قلبي بمشاعر الرحمة والأسف، ولما أخذت مكاني، وبدأ الحديث دورته المعتادة، إذا بهذا المعاق يتصدره، وينطق لسانه بكلمات مليئة، واثقة تدل على ما يحمله في ثقافة ووعي فسألت صاحب المجلس عنه، فقال هذا المهندس فلان بن فلان، تخرج في كلية الهندسة بامتياز، فتحولت مشاعر الرحمة والأسف إلى مشاعر إكبار واحترام، وتقدير لهذه النفسية الجبارة التي تغلبت على ظنها وقهرتها، وخرجت للمجتمع بأحسن صورة.

أنا لا أعرف عنك شيئاً وعن طبيعة حياتك، ولكن سؤالك أثار في نفسي شعوراً، أرجو ألا يكون صحيحاً!!، وهو أنك تبررين هروبك من الحياة، وانكفاءك على ذاتك برغبتك في التفرغ لطاعة الله -تعالى- وخدمة أهلك، وطلب العلم، وإبراز الصور السيئة للحياة الزوجية، من خلال أمثلة (استثنائية) عايشتها!!.

نعم، قد يكون سؤالك غطاء تبررين به حالة نفسية أنت تعيشين فيها، لكن لن أكون عوناً لك على ذلك، أتدرين لماذا؟ لأنك مهما أوجدت من المبررات أمام الناس فلن تخدعي نفسك، بل ستبدين أمامها مهزومة عاجزة، تعيشين على هامش الحياة؛ ولأن كل المبررات التي ذكرتيها لا تمنع الزواج أبداً، بل قد تكون وزيادة!! قد تكون المرأة متزوجة وهي:

- ناجحة في حياتها الزوجية.

- طالبة للعلم.

- مجتهدة في الطاعة.

- تخدم زوجها وإخوتها ووالديها، وكل من له علاقة بها.

هل أحتاج إلى إثبات ذلك من الواقع؟ كلا، فأنا أجزم أنك الآن تستحضرين مثالاً أو أكثر في ذهنك.

إذن فلا تهربي من الواقع، وتجعلي خوفك من إعراض الأزواج عنك بسبب الإعاقة شبحاً يهدد حياتك، ويحطم نفسيتك، كلا، بل سلمي أمرك إلى اللطيف الخبير، فهو - سبحانه - أعلم بمن خلق وما يصلحهم وما يفسدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>