للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يستأنس الميت بمن يزور قبره؟!]

المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٣/٠٧/١٤٢٥هـ

السؤال

هل الميت يحس ويستأنس بزيارة الأحياء له؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالأصل أن الميت إذا قبضت روحه وفارق الحياة فإنه يفقد الإحساس الذي يحس به الأحياء، فلا يسمع ولا يرى، وتتعطل جميع حواسه التي كان يحس بها في الدنيا.

قال تعالى:" إنك لا تسمع الموتى ... "، وقال - تعالى-:" وما أنت بمسمع من في القبور" وما يكون في الحياة البرزخية فهو من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق الوحي المعصوم أي: ما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة.

واستثني من هذا الأصل سماع أهل القليب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم-:" هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً"، وقوله لأصحابه:" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" حينما استنكروا نداءه لهم.

وكذلك يستثنى من هذا الأصل سماع الميت قرع نعال المشيعين لجنازته لثبوت الدليل على ذلك.

أما الآثار التي وردت بأن الميت يحس بزائره ويستأنس به فهي لا تثبت، وأسانيدها واهية لا تصلح للاحتجاج، وقد ذكر ابن القيم في (الروح) ، والقرطبي في (التذكرة) كثيراً منها.

ومما يدل على عدم إحساس الميت بزائره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر العلل والحكم من زيارة القبور لم يذكر منها استئناس الميت بزائرين، وإنما ذكر أنها:

١- تذكر الآخرة، كما عند أبي داود والنسائي.

٢- ترقق القلب، وتدمع العين، كما عند الحاكم.

٣- تزهد في الدنيا كما في حديث ابن مسعود.

٤- تذكر الموت كما عند مسلم.

أما الميت فلا ينتفع إلا بالدعاء، سواء وقت الزيارة أو بعيداً عن القبر، لكن الزيارة تذكره بالميت فيدعو له.

أما حديث عمرو بن العاص ووصيته بأن يقيموا حول قبره قدر ما تنحر الجزور، ويقسم لحمها حتى يستأنس بهم، وينظر ماذا يراجع به رسل ربه، فهذا وإن كان في صحيح مسلم إلا أنه موقوف على عمرو بن العاص، ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو اجتهاد منه -رضي الله عنه- ولم يذكر دليله على ذلك، والله - تعالى- أعلم.

وعلى كلٍ فسماع الأموات مسألة خلافيه بين العلماء قديماً وحديثاً، والله أعلم.

يحسن الرجوع إلى فتوى اللجنة الدائمة رقم (١٧٢٧ الجزء ١ / ٤٧٧) جمع أحمد الدويش. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>