للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآثار في ستر الجدران]

المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٣/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

ورد في حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المنع من تغطية الحجر والجدران بالقماش، فهل هذا صحيح؟ وإذا صح، فماذا تقولون عن كسوة الكعبة المشرفة وهي من القماش؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث في هذه المسألة، أقواها حديث عائشة -رضي الله عنها-عند مسلم، فقد أخرج الإمام مسلم (٢١٠٦) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج أي النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزاته فأخذت نمطاً فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين"، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفاً فلم يعب ذلك علي.

وقد اختلف العلماء في حكم هذا الستر:

١- فذهب جمهور الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد -هي الأصح في مذهب الحنابلة كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني والمرداوي في تصحيح الفروع وغيرهما- إلى أن النهي للكراهة، ما لم يكن الستر حريراً أو فيه صور فيحرم ذلك.

ومحل الكراهة عند الحنابلة ما لم يكن هناك حاجة إليها كبرد وغيره، فإن كان هناك حاجة فلا كراهة لخروجه عن حد الإسراف، فهو كلبس الثياب.

وما ذكر من القول بعدم تحريم ستر الجدر هو الذي يظهر من مذهب الحنفية؛ فقد جاء في البحر الرائق (٨/٢١٦) : (وله أن يستر الجدار باللبد وغيره) .

وفي ملتقى الأبحر مع شرحه مجمع الأنهر (٢/٥٥٦) : (ولا بأس بستر حيطان البيت باللبود.. للبرد) ؛ لأن فيه منفعة (ويكره للزينة، وكذا إرخاء الستر على البيت) ، يعني لا يكره إذا كان لدفع البرد ويكره إن كان للتكبر) .

ويظهر -أيضاً- أن هذا هو مذهب المالكية؛ فقد قالوا في كتاب الوليمة: وليس من المنكر ستر الجدران بحرير إذا لم يستند إليه. انظر: الشرح الصغير (٢/٣٨٠) ، والشرح الكبير (٢/٣٣٧) .

٢- وذهب بعض الشافعية -منهم الشيخ أبو نصر المقدسي- والإمام أحمد في رواية عنه إلى أن النهي للتحريم، ومن أهم أدلتهم حديث عائشة -رضي الله عنها-.

وأجيب عن استدلال المانعين بحديث عائشة بأجوبة، منها:

الجواب الأول: أن الحديث ليس فيه نهي عن ستر الجدر، وإنما الذي فيه أننا لم نؤمر بالستر، وعدم الأمر لا يدل على التحريم، بل غاية ما فيه أنه لا يدل على الوجوب ولا الاستحباب، قال النووي رحمه الله: وليس في هذا الحديث ما يقتضي تحريمه؛ لأن حقيقة اللفظ أن الله تعالى لم يأمرنا بذلك، وهذا يقتضي أنه ليس بواجب، ولا مندوب، ولا يقتضي التحريم. ا. هـ

الجواب الثاني: أن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لكون الستر فيه تصاوير -وقد ورد ذلك في روايات أخرى للحديث عند البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم- وقد ذكر هذا الجواب البيهقي في السنن الكبرى (٧/٢٧٢) واختاره بعض الحنابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>