للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تداهمني خواطر الرياء]

المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٥/٧/١٤٢٢

السؤال

في هذه الآونة كثر عند الشباب الوسواس والجواب عن الوضوء وغيرها واضح، ولكن هنا إشكال لم أجد من أجاب عليه! أن بعض الشباب يرى أنه يرائي في الدعوة إلى الله، ويحاول أن يطرد الشيطان، ولكنه يقول إني ألعب على نفسي في طرده ومازال الشيطان يوسوس له أنه مراءٍ، حتى إنه حاول ترك العمل، كيف يتخلص هذا الشاب من مشكلته؟

الجواب

لاشك في أن إخلاص العمل من شروط القبول، قال - تعالى-: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولايشرك بعبادة ربه أحداً "، وقال سبحانه: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " وفي الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه -عزّ وجل-: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه "، والنصوص في الوحيين كثيرة في هذا المعنى، فحرص المسلم على النجاة من هذا المفسد العظيم الرياء والسمعة من المجاهدة المشروعة، قال - تعالى-: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " وهذا الشعور إن كان عارضاً خاطراً فهو لايضر، وإن كان مسيطراً على شعور الإنسان، فهو عرض لمرض، ذلك أن الشيطان -حفظنا الله منه- يشم قلب الإنسان، ويدرك وجهة ضعفه فيه فيأتيه منه، فتأثيره يعرض للإنسان في عباداته بصلاته وزكاته وحجه، وتارة بما يجب لتلك الأركان من الشروط كالوضوء والقبلة ونحوها، أو مفطرات الصيام، أو بلوغ النصاب ودوران الحول للزكاة وهكذا.

وقد يترقى الشيطان درجة في نفس المؤمن فيأتيه بمفسد لأصل عمل من أعمال البر، بأن يخوفه من الشرك الأصغر (الرياء) ، وبأنه يُسمع في عباداته، ويتظاهر بطاعاته، والحَلُّ في هذه الحالة أن يدرك المسلم أن هذا مكرٌ من عدوه ولون من ألوان حربه، ولو كان مرائياً أو منافقاً لما أيقظه الشيطان، وكيف يدعوه لترك أمر هو من أعظم ما يجهز به على المؤمنين، بل الشيطان سيجعله يستمر في هذا العمل، وذلك النفاق.

وقد حرص السلف على أن لايترك المسلم العمل خوفاً من الرياء بل قد اختلف العلماء في العبادة التي بدأها المسلم مخلصاً ثم ورد عليه الرياء في وسطها وهو يدافع ذلك الوارد هل يجازي عليها باعتبار البداية أو يسقط أجرها باعتبار النهاية والخاتمة والجمهور على الأول كما حكاه ابن جرير، وإذا عَظٌم الله في نفس العابد، فهو يضع الناس في موضعهم الصحيح فشدة مراقبة العبد لربه وكمال علمه واطلاعه من أعظم ما يوعظ به المسلم، ولذا لاتخلو ورقة من المصحف من ذكر علمه -سبحانه-، واطلاعه. وذَكَر أهل العلم أن هذا أعظم واعظ في القرآن.

كما أن الشعور العارض الغير مستقر لايفسد العمل ويسمى الخواطر، وهذا من عمل الشيطان قال ـ تعالى ـ في وصف المؤمنين: ((وإذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)) فهو يمسهم ولكنهم يتذكرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>