عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ ١٥/١١/١٤٢٤هـ
السؤال
إنني مولع بالإنترنت، وأبحث فيه عن المواضيع الإسلامية من فتاوى وغيرها، غير أني مولع كذلك بالبحث عن المواقع الخليعة، ولكني ما إن أنتهي حتى أجد نفسي نادماً أشد الندم إلى درجة البكاء والسهر خوفاً من الله، وأترك الإنترنت عدة أيام، ولكن عندما أعود مرة أخرى أجد نفسي أبحث عن تلك المواقع. فأرجوكم دلوني على ما ينقذني من هذا الأمر.
الجواب
الحمد لله، أخي السائل الكريم، إن النفس البشرية تتجاذبها نوازع الخير من جهة، ونوازع الشر من جهة أخرى، فأيهما تغلب على الأخرى كان الإنسان تبعاً لها، إما خيَّراً وإما شريرًا.
قال الله تعالى:" إنا هديناه السبيل، إما شاكراً وإما كفورا"[الإنسان:٣] ، وللأسف الشديد فأكثر الناس يستجيبون لنوازع الشر، ودوافع الهوى، فيغلب الشر على طباعهم، وتتشكل من خلاله شخصياتهم، فيسرفون على أنفسهم بالمعاصي، ويضيعون أعمارهم في اللهو والعبث ومطاردة الشهوات.
وأنت أخي الكريم قد أنعم الله عليك، فأدركت شؤم المعصية ومرارتها بعد الفراغ منها، وعاينت وخز الضمير وسياط الندم عند اللحظة الأولى التي تعود فيها إلى رشدك، وتستيقظ من سكرة الشهوة وغيبوبة الغفلة، فلتسأل نفسك بصراحة هل تستحق تلك المشاهد الداعرة التي تبحث عنها كل هذه الآلام التي تلازمك بعدها؟.
بل سل نفسك أيليق بك وأنت المسلم الموحد، الناطق بالشهادتين صباح مساء أن تنظر إلى تلك المشاهد القذرة، والجبار - جل جلاله- ينظر إليك فأين الحياء من نظر الإله؟! أهكذا تكافئ ربك الذي منحك البصر والسمع والفؤاد؟
إن مشكلة الكثير منا - أخي في الله - أننا نغتر بإمهال الله وستره وحلمه، ونسينا أو تناسينا أن الله يمهل ولا يهمل، وأنه - سبحانه - يغار ويغضب إذا انتهكت محارمه، فهل تأمن من غضبة إلهية تكون أنت ضحيتها، فلا ينفعك ساعتها ندم، ولا يفيدك اعتذار.
إن الفرصة يا أخي بيدك اليوم، وقد تفقدها غداً، فبادر إلى التوبة النصوح قبل فوات الأوان، وإني أنصحك بصدق ومن أعماق قلبي أن تترك الإنترنت إلى الأبد، فقد جربت بنفسك مراراً فلم تقو على مقاومة إغراء المواقع الخليعة باعترافك! فما الذي ستخسره حين تتخلص من الإنترنت والعكوف عليه، فمواقع الشر تُقدر بعشرات الألوف وأكثر، وليس بينك وبينها سوى لمسات بإصبع أو بإصبعين!! إن الخير تجده في الكتب النافعة والأشرطة المفيدة ومجالسة الصالحين، وليس وقفاً على الإنترنت الذي تقصم بعض مواقعه الظهور، وتُذهل العقول، وتذهب بالعفة والشرف والمروءة، وكم فقد ذو فضل فضله، وذو دين دينه، وذو عقل عقله أمام صفحات المواقع الطافحة بكل سيء وقبيح، والمعصوم من عصمه الله، والسعيد من وعظ بغيره. هذا وأسأل الله لي ولك ولعموم المسلمين الهداية والثبات والله يحفظك. والسلام.