فضيلة الشيخ.. أرجو أن توضح لنا المقصود بـ "من تتبع الرخص فقد تزندق"، حيث إنني اختلفت أنا وزملائي في الجمع والقصر في القرية التي نسكنها، وهي تبعد عن بلدتنا ١٦٠ كلم، فأخذت برأي الجمع وأنا في تلك القرية، فأجمع الصلوات؛ بل حتى إننا نصلي في البيت إذا كنا جماعة لأننا مسافرون، وهذا أخذاً برأي أحد المشايخ المعروفين عندنا، فقالوا أنت تتبع الرخص، فأرجو منكم إيضاح الحق في هذا؟ وفقكم الله.
الجواب
أما معنى قولهم:"من تتبع الرخص فقد تزندق"، أي أن من تتبع الأقوال الشاذة والآراء المطروحة من شذوذات بعض أهل العلم، التي لا يكاد يسلم منها أحد من أهل العلم، فإن هذه علامة نفاق (تزندق) ، لأنه حينئذ يكون ممن اتبع هواه، وليس غرضه اتباع الحق من الكتاب والسنة، واعلم يا محب أن كل من لم يتبع الدليل من الكتاب والسنة بعد تبينه له ووضوح الدلالة من النص؛ فهو متبع لهواه ولابد، يقول تعالى:"فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"[القصص:٥٠] ، أما فيما يخص مسألتك، فالذي فهمت من سؤالك أنك مقيم في القرية، وساكن فيها، واتخذت بيتاً أنت وزملاؤك يصلح لمثلكم، فعلى هذا فقد انقطع السفر في حقكم، ولا يجوز لك الترخص برخص السفر، وهذا هو قول أكثر أهل العلم - رحمهم الله-، وأنت في هذا كأهل القرية الأصليين، لأنك اتخذت سكناً وأثثته بما يناسب حالك، وهذا نوع إقامة بلا شك، ولا يوجد في الشرع إلا مسافر ومن في حكمه أو مقيم، وأنت من المقيمين، أما إن كنت قد ضربت في الأرض وسافرت بسيارتك، فأنت في مسيرك مسافر، تترخص برخص السفر كلها، والله أعلم.