للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حق ولد الزنى على أبيه]

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود

التاريخ ١٩/٥/١٤٢٣

السؤال

زنيت بالخادمة وأنجبت طفلاً، السؤال: ما وضعي مع هذا الطفل؟ وماذا أعمل؟ وهل أنا مسؤول عنه وعن تربيته وكسوته؟ وهل له علي حقوق الطفل الشرعي كالميراث وغيره؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

الجواب

أما الطفل فلا يجوز أنْ يُنسب إليك -ولو كان منك يقيناً- ولا يرثك، ولا ترثه؛ لأنه من سفاح لا من نكاح، ولكن كونه من مائك له أثر في تحريم النكاح، فلا يجوز أن يتزوج من بناتك، ولا أن يتزوج أبناؤك من بناته، فإنه قد ثبت في الصحيحين (البخاري (٢٠٥٣) ومسلم (١٤٥٧) أنه لما اختصم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة بن الأسود في ابن وليدة زمعة، وكان عتبة بن أبي وقاص قد فجر بها في الجاهلية، وولدت منه ولداً، فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إلى أخي عتبة فيه إذا قدمت مكة انظر إلى ابن وليدة زمعة؛ فإنه ابني، ألا ترى يا رسول الله شبهه بعتبة؟ فقال عبد: يا رسول الله أخي وابن وليدة أبي; ولد على فراش أبي، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- شبهاً بيناً بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة؛ الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة (وهي بنت زمعة) " فقد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ابناً لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وجعله أخاً لولده بقوله:"فهو لك يا عبد بن زمعة" وقد صارت سودة أخته يرثها وترثه; لأنه ابن أبيها زمعة ولد على فراشه، ومع ذلك أمرها -صلى الله عليه وسلم- أن تحتجب منه؛ لما رأى من شبهه البين بعتبة، أمّا كسوته ونفقته فلا تجب عليك؛ لأنك لا ترثه ولا يرثك، ووجوب النفقة واجبة باستحقاق الإرث، كما يدله قوله -تعالى-:"وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة:٢٣٣] ، أي: مثل ما على المولود له (الأب) من النفقة الواجبة إذا مات الأب، وهذا مخرج على قاعدة الخراج بالضمان، والغرم بالغنم، فإذا كان يغنم من ولده ميراثه بعد مماته، وجب أن ينفق عليه في حياته. وإذا كان لا يرثه، لم يجب عليه نفقته.

وهذا الطفل ينفق عليه من بيت مال المسلمين وتكفله الدولة وترعاه، وهي مسؤولة عن نفقته وكسوته، أما إذا أردت الإحسان والمعروف، فلا شك أن إنفاقك عليه وإحسانك إليه معدود من الصدقة، ولك في ذلك أجر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"في كل كبد رطبة أجر" البخاري (٢٣٦٣) مسلم (٢٢٤٤) .

واعلم أن من علامات صدق التوبة أن يكون حال التائب بعد التوبة خيراً من حاله قبلها، فاكثر من عمل الصالحات والاستغفار والصدقة لعل الله أن يتوب عليك، فإن الله إذا رأى من عبده صدق توبته تاب عليه بل وبدَّل سيئاته حسنات، كما قال -سبحانه-:"إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما*وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً" [الفرقان:٧٠-٧١] .

أسأل الله أن يهدينا وإياك سبل السلام، وأن يخرجنا وإياك من الظلمات إلى النور، وأن يتوب علينا وعليك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>