للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المنهج الصحيح تجاه المشتبهات والشبهات]

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع

التاريخ ٢١/٥/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد ناقشت أحد زملائي الشيعة الإمامية في الأمور المذهبية، وقد تجنبت الحديث معه، وفي مرة من المرات أثار لي شبهة عظيمة ما زال أثرها باقياً في نفسي، وهذه الشبهة تتلخص في حديث رزية الخميس الذي رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - في البخاري، وقصة تهجم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال عمر - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه فإنه يهجر"، وقد أثار هذه الشبهة لي عن طريق إرسال رسالة لي، وأنا لم أتثبت الأمر فساعدوني في كشف هذه الشبه. وجزاكم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فجواباً على السؤال أقول، وبالله التوفيق:

قبل الجواب عن الإشكال الذي ذكره السائل، والذي أوقع في قلبه حرجاً شديداً، ويريد ما يفرج عنه هذا الحرج، فإني أنصح السائل بمنهج صحيح تجاه المشتبهات والشبهات، وهو أن يستحضر في علمه وقلبه المحكمات والأدلة الواضحات القاطعات المشتهرات، ثم ليعرض تلك الشُّبه عليها، فإنه سيجد أن هذه الشبه قد سقطت على جدار حصون المحكمات، وسيراها قد احترقت تحت ضوء شمس الأدلة الباهرات وتصبح تلك الشبه - حتى ولو لم يجد لها جواباً - كحفنة تراب ألقاها عدو حاقد على جدار حصن عظيم، هل تؤثر فيه شيئاً؟! أما أن يجعل المرء قلباً خلواً من تحصينات المحكمات، فإنه سيكون قلبه حينها مستودعاً للمتناقضات، ولن يدوم على عقيدة إلا وقد تحول عنها إلى غيرها، حقاً كانت أو باطلاً، وكأن قلبه حينها قطعة من قطن، تمتص كل ما لامسها، أصفواً كان أو كدراً، وطيباً كان أو خبيثاً.

وبناء على هذا المنهج الشافي، فإني أقدم الجواب بأنه عليك يا أخي أن تتذكر بعض ما جاء في مناقب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجا إلا سلك فجا غير فجك" أخرجه الشيخان البخاري (٣٦٨٣) ، ومسلم (٢٣٩٦) من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-. ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أنا نائم، رأيت الناس يعرضون، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره"، قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين". متفق عليه البخاري (٢٣) ، ومسلم (٢٣٩٠) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-

ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أنا نائم، إذ رأيت قدحاً أتيت به، فيه لبن فشربت منه حتى أني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب". قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "العلم" متفق عليه البخاري (٨٢) ، ومسلم

(٢٣٩١) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>