للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإمارة في الأنشطة الدعوية]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

أصول الفقه /السياسة الشرعية

التاريخ ٢٥/١٢/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن تفيدوني، نحن خمسه شباب في المسجد، مقيمون على الدعوة إلى دين الله، واقترح بعض الإخوة أن نكون متوحدين في المنهج الدعوي والنشاط الذي يخدم الدعوة، وقد اقترح أن يكون هناك منا أمير أي هو المسئول عن تنظيم تلك الأمور، وقد اختاروني، ولكن أنا في ريب من تلك الفكرة وهو أن أكون أنا الأمير أو المسئول على تنظيم الأمور، وأنا أريد أن تفيدوني في هذا الأمر، مع العلم أني أعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كنتم ثلاثة فأمِّروا أحدكم". ولكن أنا أريد النصيحة، هل هناك شيء اسمه إمارة؟ وما معناها؟ وإن كانت تصح فما الأمور التي تنصحوني بها أن أفعلها؟ وجزاكم الله خيرًا. وأرجو من الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحديث المشار إليه في السؤال حديث حسن أخرجه الإمام أحمد (٦٦٤٧) من حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، في أثناء حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... وَلَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ إِلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ....". وله شاهد من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". أخرجه أبو داود (٢٦٠٨) .

ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن أبي داود (٢٦٠٩) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". ومن حديث عمر بن الخطاب. رواه الحاكم (١/٦١١) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وهذه الأحاديث تدل على أنه يسن للجماعة إذا كانوا في سفر، أو فلاة من الأرض أن يؤمروا أحدهم حتى تنتظم أمورهم وتستقيم أحوالهم وتجتمع كلمتهم، ولا يحصل بينهم خلاف وشقاق يؤدي إلى فساد أحوالهم وتفرقهم واختلافهم.

يقول ابن تيمية: (فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم، كان هذا تنبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك....) الحسبة في الإسلام (ص: ١٢) .

وقد استدل العلماء بهذا الحديث وغيره على وجوب تنصيب الأئمة والحكام والولاة ليقوموا برعاية مصالح الأمة وترتيب أمورها وشؤونها، والحاكم الشرعي له البيعة والطاعة بالمعروف، ويناط به النظر في قضايا الأمة وشؤونها، وإذا احتاج مجموعة من الناس إلى الترتيب فيما بينهم والتنسيق في أمور دعوية محدودة فلا بأس بذلك بما لا يخالف ما يوجد من ترتيب وتنظيم مشروع من قبل ولاة الأمر. فعلى هذا إذا أحب مجموعة الاجتماع والتناصح والتعاون فيما بينهم فهذا من الخير، ولا بأس أن يوجد من يكون مسئولًا عن هذا الاجتماع واللقاء لكن لا تضفى عليه صفات الأمير بحيث يبايع كما يبايع ولي الأمر، إنما يكون بمثابة الرئيس ونحوه.

نسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه، ومن الدعاة إليه على بصيرة وعلم، ومن المتعاونين على البر والتقوى. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>